الثلاثاء 19 مارس, 2024

رحلتي.. سيرة حياة رجل الأعمال فضل طه

قراءة في

“رحلتي.. سيرة حياة رجل الأعمال فضل طه”

للكاتبة فداء طه

يونس الشامي

هل يُفترض حقاً أن نذكر عدد صفحات كتاب ما، حين نصيغ خبراً له، أو نكتب قراءة انطباعية عنه، أو نقدم كتابة نقدية به؟

تتجلى قيمة أي كتاب في فحواه، محتواه القيّم من عدمه. فكرته ومتنه ومقولته النهائية، والرسالة التي يمررها للقارئ. هذا هو جوهر الكتاب. وما سبق هو تقديم لقراءة انطباعية في كتاب قيّم يترك بين أيادي القراء جواهر تفيدهم في الحاضر والمستقبل إن احتاجو إليها، كما تفيد الجواهر صاحبها حين الحاجة.

 بين يدي رواية عربية في قالب كتاب سيرة ذاتية. للكاتبة الإعلامية فداء طه. يحمل عنوان “رحلتي.. سيرة حياة رجل الأعمال فضل طه”. الذي صدر مؤخراً عن “دار الآن للنشر والتوزيع” في عمان. و.. حسناً، سنذكر أنه يقع في 116 صفحة من القطع المتوسط. وصمم له الغلاف بسام حمدان.

جمع الكتاب بين صنف السيرة الذاتية وصنف الرواية، فمن حيث الفكرة قررت الكاتبة فداء طه، التي اختبرت العمل الصحفي لنحو ربع قرن، تماماً مثلما اختبرت وشاركت والدها رجل الأعمال فضل طه، حياة الكفاح التي سار في طريقها طويلاً، أن تكتب روايتها السيرة، لهدفين. صحيح أنها كانت تبتغي تكريم والدها بهذا الكتاب الهدية التي تليق بسيرة حياته وكفاحه وعمله وتفانيه وصبره ومكانته وعطائه. لكن ثمة هدف آخر لها، هو أن تضع تجربته، كنموذج حقيقي ومثل يُقتدى لدى الشباب، ويمكن أن يلهم الأجيال، ويرشدهم إلى طريق العلم العمل والصبر والإخلاص، وعدم اليأس، والتسلح بالإصرار على خوض المحاولات والتجارب كي ينجحوا ويحققوا طموحاتهم المشروعة. خاصة أن هناك الكثير من الشباب الباحث عن النجاح والرزق والمجد، لا سيما مع الظروف الصعبة التي يعيشها عالمنا العربي.

فيما يخص فصول الكتاب، نجد أنه ضمّ خمسة فصول (حياة الطفولة فالشباب والعلم والنضوج السياسي ودخول معتركه) وفيه نتعرف إلى السيد فضل طه، وبأنه قومي عربي عاش في سورية ودرس في جامعة دمشق، كما عاش في السعودية ولبنان والأردن والسودان، وأحب تلك الدول العربية مثلما أحب وطنه فلسطين. وقد تشرب أولاده هذا الحب وتربوا عليه واكتسبوه. وفي فصل (الحياة العملية) نجده في مجموعة المهن التي عمل بها قبل أن يبلغ النجاح والتألق ويمسي رجل أعمال شهير، بدأ من الصفر ووصل إلى أن يكون مؤسس صناعات من بينها البسكويت، والكرتون. وفصل (الحياة العائلية والاجتماعية) التي نتعرف فيها على عائلته وأبنائه وأحفاده. وفصل عن (الحياة ما قبل كورونا وما بعدها). وفصل أخير ضمّ (شهادات حيّة حول فضل طه).

بالطبع ضم كل فصل عدة أبواب، تفتح لنا آفاق التعرف إلى حياته وأسفاره والمهن التي مارسها بالتفصيل مع ذكر الزمان والمكان، والنتيجة التي أسفرت عن عمله. والأهم وطنه فلسطين الذي ظل في القلب في كل خطوة سارها ومضى إليها، كما لو أن فلسطين كانت الحرز الذي حفظه.

هذا بخصوص الكتاب.. فماذا بخصوص الكاتبة؟

من الواضح أنه كان أمام الكاتبة فداء طه أن تختار إما أن تكتب عن والدها بصيغة (قال الوالد كذا، وذكر وأشار وكتب وعمل واشتغل كذا..)، أو أن تترك دور البطولة الكاملة له، فارتأت أن تكتب الكتاب على لسانه، ما جعلها تتقمص شخصيته، إنما عبر ما كان يخبرها به ويسرده عليها من معلومات وأخبار وقصص عاشها في حياته. كذلك أصرت الكاتبة أن يكون الكتاب رسالة هادفة للجيل بحيث يفيد الآخرين، ويكون لهم قدوة في ميادين العمل، ويتضح ذلك من تدخلها الطفيف في الكتاب وصياغة أحداثه وإدارة دفة الحوار ببراعة، وإجادة تقسيم مراحل الحياة ضمن فصول وأبواب، مرفقة بصور لوالدها، تحقيقاً للمصداقية.. ولا غرابة هنا فالكاتبة إعلامية لامعة سبق أن دققت وأعدت العديد من الكتب. فضلاً عن عملها الصحفي في قسمي الحوارات والتحقيقات في أكثر من دولة عربية.

لغة الكتاب جميلة جاذبة مشوّقة تشدّ القارئ، لا استعراض لغوي ولا التفافات ولا تثاقف. بل لغة واضحة قريبة من قلب وعين القارئ، الذي سيدرك في ختام الكتاب، أنه في الحقيقة أمام هدية من ابنة بارة وفية تجاه والدها. لكن الهدية كانت للقارئ.

 

 

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *