الخميس 25 أبريل, 2024

هدى مسلماني تشق طريقها بالعلم

وصلتنا هذه المادة في بريد المجلة من صديقة كريمة، وافقنا على نشرها رغم أن لا باب مخصص لكتابة السّير، إلا أننا وجدنا فيها حافزا ومثالاً يحتذى للفتاة بخاصة، وللمرأة عموماً، يستنهض فيها القوة للمبادرة إلى خوض معترك الحياة وعدم الاتكال على الآخر، إذ لكل من المرأة والرجل، دور يجب أن يقوم به، ما دام العقل المتعلّم هو المرشد والموجِّه.

هدى مسلماني

تشق طريقها بالعلم من صخرٍ وطموحٍ

بقلم منى مسلماني

13199576_1729373694005582_808220725_oعندما نعتلي صهوةََ الجواد للطموح فأيةُ سطوةٍ ستكبحُ جماحَه؟! وعندما نُجهِز للحُلُم سرجَه،، فأي لِجامٍ سيعرقل جناحَه؟!!

لإن اعتبر المجتمع المرأة هي نصفه، فهل هو بذلك قلَّل من أهميتها أم أنه قد أنصفها؟! إن هي قد أُعتبِرت النصف الثاني للمجتمع،، فهذا يعني أن الرجل، النصف الأول، لا يزال هو متقدماً عليها، إلى أن تأتي المرأة بحق لتطعن بهذا القول وتثبت جدارتها وتكمل النصف الثاني بأهميتها ومكانتها وكفاءتها العالية بتحصيلها العلمي المتفوق وطموحها الخيِّر لترتقي سلم الدرجات العليا في المجتمع، وتتفوق بالتالي على الرجل..!

عند استحضاري لدور المرأة المهم في المجتمع، كانت تستحوذ عليَّ دائماً تلك الفكرة، وتأخذ حيزاً من اهتمامي  وبخاصةٍ بعد معرفتي للكثيرات من الصديقات العزيزات.. إضافةٌ فقبولٌ فمعرفةٌ فصداقةٌ فموعدٌ فلقاءُ..! هكذا بدأت أولى خطواتِ الألف حرفٍ بخط حرف الألف! ومع أن معرفتي بالصديقة والأخت العزيزة هدى مسلماني نشأت منذ حوالي بضعة أشهر ولكنها تفوق السنوات من المعرفة والصداقة، بدأناها من تلاقٍ بالأفكار والمواضيع التي كنا نطرحها إن كانت على صفحاتنا أو من خلال التواصل الخاص، ثم كان التلاقي معها في الوطن، وزيارتها في بيتها والحديث المطول الذي عرَّفني بها كصديقة وزوجة وأم، تحمل أعباءَ مسؤولياتٍ كبيرة في البيت وخارجه.. إنسانةٌ بشوشة مرحة  طيبة القلب ومتقدة الذكاء، وذات شخصية قوية أخَّاذة.. وفوق كل ذلك، هي متواضعة متزنة طموحة صبورة ولبقة الحديث.. ولديها سرعة بديهة. ألعائلة بالنسبة إليها هي محور اهتمامها الأول، وأسرتها تشكل نواة الوجود لها، تخصُّهم بكل الحب والرعاية والحنان..

 وهكذا بدأت تلك الرحلة، رحلةٌ مليئة بالإندهاشات واللقاءات والأحاديث والتطرُّق إلى مختلف المواضيع، كما أنها قد شرفتني بحضورها القيِّم في حفل توقيع إصداري الأول” من شذا الروح“!! فكانت رحلتي تلك، تعبق بهذه الصداقات الجميلة معها ومع غيرها من الصديقات الغاليات اللواتي تعرَّفت عليهن عن قرب.. لقاءاتي بها كوَّنت لي فكرةً شاملة عن حياتها وعملها ونشاط ودائرة اهتماماتها ومحيطها الأسريِّ، وبالأخص تحصيلها العلمي ودخولها معترك العمل، والمسيرة الطويلة من سِنيّ الكفاح والمثابرة والعمل والاجتهاد.. جمعت كل ما أثرَتْه عليَّ من معلوماتٍ قيِّمة ومشرِّفة عنها،، فكانت هذه النبذة القيمة..!

فكيف وجدتها؟!!

نحلةٌ هي من نحلات هذا المجتمع، تعمل بكل همةٍ ونشاط، وتجدُّ بكل ما وهبتها الحياة من عزيمة على الخير والعطاء ونشر الثقافة والوعي ليس فقط في دائرة حياتها الخاصة، بل وأيضاً على نطاق واسع من خلال شبكة التواصل الإجتماعي وبث الوعي عبر الشاشة الصغيرة من خلال إعدادها لبرامج تختص بشؤون الأطفال وتنشئتهم، وبث الثقافة الواعية والواعدة للمستقبل المشرق لهم وللمجتمع والوطن ككل.. صقلت لها شخصيتَها سنواتُ العمر وما خبرته في الحياة، من الطفولة وعمر الدراسة والتحصيل.. ومدرسة الحياة كما باحات العلم أضافت لها رصيداً ثرياً من العلم والمعرفة والثقافة لتضفي على شخصيتها تلك حصانةً أكبر من الحضور، وشهادةَ فخر إلى جانب شهاداتها الأكاديمية..

في بداية مشوارها الزاخر، أنهت مرحلة الثانوية بعمر الثامنة عشر بتفوق، درست حضانة أطفال ونالت شهادة  BT. .. التحقت بالجامعة لدراسة علم النفس وأنهت سنتها الأولى، تزوجت ثم التزمت بحياتها الزوجية فانجبت صبيين وتفرغت لهما واعطتهما كل محبتها واهتمامها ورعايتها لهما، فكانت امَّاً عطوفةً ومربيةً جيدةً…

ساعات الفراغ الطويلة في غياب الزوج بحكم العمل والتي كانت تشعرها بالحاجة الماسة للإستفادة منها ،كانت تملأها بالمطالعة الدؤوبة المفيدة وبكتابة الخواطر، وتحتفظ بها في كُرَّاستها الحميمية الخاصة، إلى أن أصبح في جعبتها الكثير منها.. وهذا حفَّزها لإن تشتغل أكثر فأكثر، وكل ذلك كان ينمِّي من طاقاتها المعطاءة والتي جعلتها تزيد من طموحها الجامح لإكمال دراستها الجامعية. فما كان منها إلا أن تسجَّلت في الجامعة بمساندة أمها وأختها الكبرى اللتين كانتا تشجعانها وبمساندتهما لها في تحمل أعبائها العائلية.. مسؤوليات البيت الجمَّة والعائلة بعد إنجابها ابنها الثاني زادتها إصراراً على المضي قُدُماً لتحصيل العلم، لا لأجل العمل فقط وإنما أيضاً لإثبات وجودها وتحقيق ذاتها الطموحة والتي دفعتها لأن تصلَ الليل بالنهار لتحقيق حُسن التوافق بين كل مسؤولياتها الملقاة على منكبيها.. شهدت أوقاتاً عصيبة جداً عليها، إذ لم يكن بمقدورها سداد أقساط الجامعة وأسعار الكتب الباهضة، مما اضطرها الأمر لأن تبيع مصوغاتها وتعمل ليل نهار في صنع زيوتٍ عطرية خاصة للتنحيف وأعشاب طبية مفيدة لفتراتٍ من الزمن وذلك بالاعتماد على المراجع العالمية والأبحاث العلمية الطبية، مما يمدها بمردودٍ ماليٍّ وفير مكَّنها من تغطية نفقات الجامعة. فكانت تدرس وتحصل على كل سنة بسنتين..

وفي نفس الوقت، كانت تواصل كتابة برامجَ تلفزيونية للاطفال وتحفظها بدفترها حتى أصبحت غنية وكثيرة جداً.. كانت تخضع لتدريبٍ نفسيّ تهيئاً لان تكون معالجة نفسية في المستقبل بحكم اختصاصها الجامعيّ.. أنهت الاجازة بعلم النفس والعمل مع تدريب بمطعم الساحة على الموارد البشرية، والتدريب على العلاج النفسي، ثم عملت في دار نشر للاطفال كراوية قَصَصية داخل المدارس. أنجبت ابنها الثالث، ثم بعد ذلك، خضعت لدورة في إعداد وإنتاج البرامج للأطفال في قناة تلفزيونية من أربعين حلقة بين مشاهد خارجية وداخلية، وكانت تلك فكرتها هي ومن إعدادها.. ثم تسجلت في جامعة خاصة لإكمال دراساتها العليا بعد أن استطاعت تأمين أقساطها من عملها هذا. تطوعت في مؤسسة إجتماعية إسلامية، وخضعت لدورة في سلامة الغذاء مع تدريب كمراقبة في سلامة الغذاء لمدة سنة، وأصبحت تعطي محاضراتٍ في المدارس في علم النفس.. شاركت في إعطاء ورش تدريبية بعلم النفس التربوي، كما في إنشاء مركز تروبوي نفسي، وكانت هي المسؤولة عنه من الناحية النفسية. عملت في مدرسة كمرشدة تربوية ومنظمة لانشطة الحضانة.

أجرت ما يفوق اثنين وخمسين مقابلةً تلفزيونية فضائية وأرضية حول المواضيع النفسية والتربوية. عملت في معهد ts2,3 بمادة تحليل نفسي لمدة سنتين.. شاركت في دورة البرمجة العصبية اللغوية بمؤتمرات نفسية مع جهات مختلفة كجمعية المعالجين النفسانين، وخضعت لتدريب بالعلاج السلوكي والعلاج بالتحليل نفسي.. أقامت مهرجاناً للاطفال بمناسبة عيد الفطر في بلدتها ”السلطانية“ برعاية البلدية، وكانت تعمل كمسؤولة في قناة للاطفال عن لجنة الاطفال. تعمل حالياً كمعالجة نفسانية في عيادة خاصة لها. لم يتوقف طموحها عند هذا الحد، بل إنها في صدد تحضير دراسة الماجستير وقد أشرفت على الإنتهاء منها، وهي ترغب بعد ذلك في تكملة مشوارها العلمي لدراسة ونيل درجة الدكتوراه ..

هذه هي مسيرة الحياة العلمية والعملية للصديقة والأخت الأستاذة هدى مسلماني والتي شقت طريقها من صخرٍ وطموحٍ وتحدٍّ وعزمٍ وتصميم حتى وصلت إلى تلك المراتب العليا لتطيح بكل تلك المقولات البالية والموروثات القديمة عن المرأة بأنها خُلقت لتكون زوجةً وأمَّاً فقط..!!

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *