الأربعاء 24 أبريل, 2024

اللغة «العربيزية» في ميزان النقد!

مؤامرة اليد العربية على حرف العرب

اللغة «العربيزية» في ميزان النقد!

بقلم أ. د. أنور الموسى

mousa-1بعد غزارة ظاهرة استبدال الحرف العربي باللاتيني في الهواتف المحمولة ولا سيما في رسائل الواتساب والبريد العادي، تغزو هذه «الآفة اللغوية» كل وسائل التواصل، وامتد تأثيرها ليشمل كتابة الطلاب في المدارس والجامعات، حتى المتخصصين واللغويين!

فصحيح أن دعوات استبدال الحرف العربي بالأجنبي ليست بالجديدة.. بيد أن الجديد محاولة تقعيدها والتغني بتسميتها باللغة «العربيزية»، والنفور أحيانا من الكتابة بالحرف العربي، بعد الاعتياد على عادة مستهجنة!

ويبدو أن هناك أسبابا جمة وراء هذه الظاهرة، كالعامل التكنولوجي والنفسي والاقتصادي والثقافي والحضاري، والاستلاب و«التمغرب» وعدم الثقة بالذات، والانبهار بالغرب، وكي الهوية، والتشتت والاستسهال وعصر السرعة…!

فإذا كانت شريحة كبيرة من كتاب الحرف «العربيزي» تنجر وراء هذا التيار من دون قصد… فإنها تتجاهل جمالية الحرف العربي، وتنوعه ورفعة تعبيره…!

وكثيرا ما نجد محبي الضاد يضجرون من رسائل هذه الحروف، والأرقام، فينخذش ذوقهم، وتنزعج عيونهم وعقولهم!

لكن في المقابل، لا يجد عدد كبير من الجيل الجديد في هذا الاستبدال أي ضرر، ما دام ترعرع على لغة النت والأرقام الغربية والحروف… فهو منذ صغره يقرأ الخاء 5، ويستبدل الهمزة بعدد 2، وهكذا.

فصحيح أن الساحة «النقدية» العوجاء تشهد رأيين متعارضين في هذه القضية، بيد أن المنطق السليم يحتم اللجوء إلى الحرف العربي، ما دام هو الأصل، وما دام الأجنبي ولد للأجنبي…

فصحيح أن تكلفة بعض الرسائل في الهواتف المحمولة المكتوية باللاتيني أرخص من الحرف العربي، وصحيح أن الإنكليزية لغة العصر والتكنولوجيا، بيد أن ذلك لا يجوز أن ينسحب على التضحية بالحرف العربي الأصيل… وتشويهه برموز ساذجة!

فكم من شعوب أخرى حافظت على حرفها أمام إعصار العولمة! وكم من دول أبت الانجرار إلى مستنقع «الاستلاب الحضاري»! محافظة على تراثها في الحرف… مع الانفتاح الحضاري الشامل!

والغريب أن من يدعو إلى تلك اللغة الهجينة، لم يطلع على التراث العربي، حين كان حرفه يدرس في بغداد، ويلهث خلفه المثقف الغربي، ويتفنن في كتابته…!

القضية إذا، قضية هيمنة حضارية، يعززها عدم ثقة عدد من الأشخاص بهويته وحرفه، فكأني بعدد كبير من دعاة هذه اللغة، يخجل من عربيته وأصوله… ولهذا أيضا عوامل سياسية!

فإذا تساهل المرء مع وسائل التواصل الاجتماعي… فلا يجوز له التساهل مع هذه الإشكالية في المدارس والجامعات والمؤسسات التربوية….!

وهنا أسأل: أين حصص الخط العربي في المدارس؟ ومتى تعود ثقتنا بلغتنا وحرفها؟ وهل يجوز تحنيط الحرف العربي… في المتاحف…؟ وهل ستقر لغة الهجانة في المناهج يوما ما؟!

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *