الجمعة 29 مارس, 2024

السيد محمد رضا السلمان: العلماء أمناء الرسل..

السيد محمد رضا السلمان: العلماء أمناء الرسل..

علي .أ. دهينيsalmak-1

ساعة من زمن هي التي التقيت فيها سماحة العلامة السيد محمد رضا السلمان، حين كان يضع اللمسات الأخيرة على مجموعته الشعرية التي ضمّت بين دفتيها ثمانية أجزاء، ما نضحت به قريحية العالم الأديب من شعر يُثمل النفس التواقة إلى هذا الجنس من الأدب، لِما جاء فيها من موضوعات تناغمت فيها نفس العلامة مع مشاعره الوجدانية العقدية وانتمائه لمدرسة أهل البيت عليهم السلام.

سوف نتحدث هنا عن شخصيته التوجيهية الدينية، وفي مقال لاحق سوف نستعرض مجموعته الشعرية التي صدرت عن دار المؤرخ العربي في بيروت، في ثمانية أجزاء.

أقول برهة من لقاء كانت كافية ـ لما تستشرفه من شفافية إنسانية يتمتع بها ـ لأعلم أنني أمام هامة أدبية خلاّقة، مبدعة، في أجناس الأدب، كما هي سامية شامحة في العلوم الدينية ومالكة للإجابات في هذا المضمار، من أي لسان جاءت أو من أي عقل تولدت.

“…. ودونك أمهات الكتب في التفسير عند المدارس والمذاهب الشقيقة من حولنا” (1). بهذه الروح المنفتحة، يخاطب الشباب والمتلقين من حوله، إن قيمة العلم حين تسمو به النفس، ترتق فيها شميلة التواضع إلى أعلى مراتب العلاقة الإنسانية مع الآخر أياً كان موقعه ومكانته.

روح التواضع الإنساني والعلمي والمعرفي، هذه، التي تتجلى بها شخصيته، جعلته مثالاً يحتذى حين يقول: ” فمن منّا يدعي العصمة لنفسه بأن لا يكون قد أخفق في كلمة يوم من الأيام، أو في فعل مّا، صدر عنه في مرحلة من المراحل”(2)

تابعت في ما بعد نشاطه المكثّف عبر ما يصلني من خطبه عبر وسائل الاتصال، ليزداد تقديري واحترامي، قبل إعجابي بسليل النبوة الشريفة.

في العقيدة شعاره: ” العلم ثم نشره”، عملاً بالحديث الشريف. فلسفته: “العلماء أمناء الرسل ما لم يخالطوا السلطان ويداخلوا الدنيا”. على هذا نراه ينبّه إلى أهمية القراءة التي هي أساس المعرفة وبيتها: “علينا أن لا نكون اتكاليين في بنائنا الثقافي وتنوّرنا الديني، على خطيب يتفوّه هنا، أو إمام جماعة يتكلم هناك، وعلينا أن نحمل المسؤولية بأنفسنا، فالمعلومة التي نحصل عليها بالقراءة تثبت وتستقر أكثر من المعلومة التي تأتي عن طريق السماع”.

لا شك إن القراءة أقوى أداة معرفية بحسب نأكيده، إنما هذا أيضاً، يحتاج إلى أسلوب، وإلى ملكة قادرة على أن تستفز القارىء بأسلوبها لا أن تنفّره وتبعده عن الكتاب، وهذا أمر يحتاج إلى كثير من التنبيه للكتّاب ليكونوا دقيقين ويملكون إمكانات الكاتب لجهة اللغة والأسلوب وتقديم المعلومة. وفي هذا يخاطب متابعيه عموماً، وأبناء مجتمعه بشكل خاص، فيتساءل: “لماذا لا نرى كتّاباً يجارون غيرهم في عالم الكتابة والمكتبة؟ وأين هم الأدباء الذين نراهن عليهم”.

رعاية المجتمع

بالإضافة إلى شخصيته الدينية وهامته الأدبية، لا يفوته رعاية أحوال مجتمعه من حوله، والتواصل الدائم مع أبنائه، فيقدم النصح ويحلل أُسّ القضية أو المشكلة، ليوحّد الجهود في خدمة الجميع من الجميع.

ولأن الإنسان قيمة وجودية وما يطرأة عليها هو محدث، تراه يبادر إلى المحتاج بمد يد العون، مما أفاض به الله من فضله، كما تراه يشاركهم أفراحهم ويحزن لأحزانهم، لأنهم أخوته في الإنسانية قيل أي شيء آخر، كما هم أهله وعشيرته وبني جلدته.

في كثير من محاضراته نجده يحث الشباب على العمل، لأن اليد العاملة مباركة، وقد باركها رسول الله (ص) في كثير من أحاديثه، أشهرها: “تلك اليد يحبها الله ورسوله” بعد أن قبّلها (ص).

إن المسؤولية في قراءة الواقع الاجتماعي وما فيه من حيثيات بدركها صاحب المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، فيبادر كما يفعل السيد محمد رضا السلمان، إلى تداركها ويبادر إلى تبديل سلبياتها إلى إيجابيات من خلال الحث على الالتفات إليها، لأن “ما يُهدر من الوقت والطاقات والجهد والمال كثير”. ويشير، في هذا المضمار، إلى أن “هناك موارد هي في مسيس الحاجة أن يُصرف فيها”. وينبه بعد ذلك متسائلاً: ” فكم هم الشباب العاطلون عن العمل؟ وكم هنّ الفتيات العوانس اللاتي يجلسن في بيوت أهلهنّ؟”.

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *