الجمعة 19 أبريل, 2024

بائع ذهب لا يملك شبْكة عروسه

عَينهُ “مليانة” ولا يغويه بريق الأصفر.. رامي مخول..

 بائع ذهب لا يملك شبْكة عروسه

فداء طه*

feda taha Rبين الذهب يعيش ثلثي نهاره، لكنه لا يبهره، ولا يطفيء لمعان الأصفر بريق عينيه الصافيتين المتلألئتين قناعة ورضا.. 16 عاماً من الخبرة قضاها رامي مخول في صياغة وبيع الذهب، ومع هذا فلم تزده إلاّ زهداً فيه، ولم تغير من أحواله المعيشية كثيراً، فما زال، بعد 36 عاماً من العمر، أعزب، يبحث عن عروس لا يملك ثمن ”شَبْكَتِها” وكل ما يطلبه من الدنيا أن تكون امرأة قانعة مثله لا يغريها إغواء الذهب مثل غالبية النساء.

من باب ورشة الصياغة ولج أديب إلى عالم الذهب، قبل أن يتخرج منه ويدخل في عالم البيع والشراء، والتعامل مع زبائن الكنز الأصفر، يقول: ”بضع سنوات فقط أمضيتها في ورشة صياغة الذهب. وهي مهنة جميلة، غير أنها متعبة، وتكتنفها الخطورة سواء من الآلات أو من الغازات السامة أو المواد الكيماوية التي تستخدم في العمل. لكن بيع الذهب أحبّ إلى قلبي، فهو يحتاج إلى فن في التعامل مع الناس، ومن خلاله التقيت العديد من الأصدقاء المخلصين الطيبين”.

غارق في الذهب حتى أذنيه، فعلى يمينه طقم يبلغ ثمنه آلاف الدراهم، وعلى شماله آخر يفوقه سعراً، ومن حوله أطقم فاخرة متعددة الأشكال، وأمامه خواتم وأساور ذهبية مطعّمة بالألماس، ومع هذا فهو لا يملك المال الكافي لتأسيس حياة زوجية مستقرة، يقول: ”يخطئ من يعتقد بأن كلّ من يعيش في عالم الذهب هو شخص ثريّ بالضرورة. والحقيقة أن من يعمل في بيع الذهب إنسان عادي. فأنا موظف في محل الذهب ولست صاحبه، ولم أرث شيئا عن والدي. وكل ما أملكه راتبي الشهري الذي أتقاضاه نظير عملي، فغلاء الأسعار ومتطلبات الحياة تجعل الراتب ”مثل الرأس بالطاقية” أي على القدر تماماً”. ويستطرد: “كما يقول المثل ”الإسكافي حافي، والحايك عريان”، يعتقد الآخرون بأن من يعمل في مجال الذهب فإن لديه القدرة على إهدائه للآخرين، لكنني على العكس وعلى عروس المستقبل أن تتفهم ذلك، وتقدر بأن وضعي المادي لا يسمح لي بإهدائها الكثير من الذهب”.

العمل في بيع وشراء الذهب والتواصل مع الزبائن شيء ممتع بالنسبة لأديب، غير أن تذبذب الأسعار صعوداً وهبوطاً، يسبب له متاعب مع بعض الزبائن: ”فالبورصة ليست بأيدينا، وأخبار الأسعار تأتينا عن طريق الإدارة والإنترنت كل 15 دقيقة. نحن نحاول أن نشرح ذلك للناس، فمنهم من يتفهم وثمة من يجادل في الأسعار. وهذا أصعب ما في المهنة، نحن نتعامل يومياً مع نوعيات مختلفة من الناس ولهذا علينا أن نتمتع بالصبر وطول البال، فهنالك من يفاصل في أسعار الذهب وثمة من لا يريد أن يشتري بقدر ما يريد أن يفتعل مشكلة، وهنالك أناس، ”يا لطيف”، مزاجهم صعب، وبالمقابل ثمة أشخاص رائعون يسهل التعامل معهم، وإن استفتحت برؤية وجوههم فنهارك يصبح سعيداً. أنواع كثيرة من الناس نراها يومياً وفي الآخر علينا أن نتقبل ونحاول تلبية طلباتها من أجل الرزق”.

بعد يوم عمل شاق ووقفة متواصلة على قدم وساق لبيع الزبائن وإرضائهم على اختلاف أمزجتهم وأذواقهم يعود بائع الذهب رامي مخول إلى بيته، بيت العزوبية المشترك مع أصدقائه، سعيداً بما باعه في ذلك اليوم، لا يحلم بأكثر من الرضا والصحة وزوجة قنوعة مثله ”فالقناعة كنز لا يفنى”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مادة صحافية نُشرت قبل عشرة أعوام عن بائع الذهب الذي لا يملك ثمن “شبكة” عروسه.. ولكن من يملك شبكة عروسه اليوم؟؟ كان الله بعون الشباب..

تاريخ النشر: الأحد 29 يونيو 2008

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *