السبت 20 أبريل, 2024

يوميات مَجد

يوميات مَجد

علي حيدر- سورية

ali haidar-1

(1)    مجد الورد

مجد، شابّ في عمر الورد. ولا تسألوني كم يبلغ عمر الورد؟

اسمه مجد، كي لا يكون مرتبطاً بأي دينٍ أو طائفة. فهو لديه قصيدة من كتابته يتلوها على كل مَن يسأله عن دينه أو مذهبه! فتُخرِس القصيدة السَّائِل، وتوصِل لعقله فكرة أن مجد أبعد ما يكون عن نعرات الدِّين والتعصب الطائفي، وأقرب ما يكون لله عزّ وجلّ.

ومن جهة ثانية اختار اسم مجد حتى إذا تمّت تهجئته بهيئة (مُجِدّ) لن تخونكم هذه التهجئة. فمثلاً، خرج اليوم من منزله الساعة الثامنة صباحاً، وعاد في الساعة الثامنة مساءً إليه، لم يرتح سوى ساعة الغداء. لذلك أكثر ما يُسعده بعد هذا النهار الطويل سَكرة كأس أخضر “المتة” مع صحن من المكسّرات المالحة، قرب المدفأة الكهربائية. كونه لم يحصل على مازوت للتدفئة! ثم يقوم بفتح جهازه الخليوي ويكتب نصاً جديداً.

*****

  (2) حلم مسروق

تقدَّمَ مجد في إحدى المرّات؛ لبرنامجٍ مسابقات عن “تسلُّق سُلَّم النجومية” وكان مفعماً بحلمٍ راوده كثيراً! وبعد صدٍّ و ردٍّ، دامَ لأكثر من شهرين على تقديم حُلمهِ، كان الرَّدُ برسالةٍ إلكترونيةٍ، تقول:

“نعتذرُ عن قبولِ حُلمكَ لأنَّه أكبرُ من القالبِ الموجود لدينا. ولم يَركب معنا ولكنَّه أعجبَنا وسنسرقه منكَ بعد إذنِكَ”.

تفاجأَ مَجد من الذَّوقِ الزَائد لدى لصوص النجومية! ومنذ ذلك اليوم؛ يَحلمُ ويُخفي حُلمه تحتَ وسادتهِ، ليُحققهُ بجُهدهِ على أقلّ من مهل.

*****

(3)  الواحد والكل

 ينتمي مَجد إلى هَذا المُجتمعِ المَريضِ، المُحَاطٌ بكُتلٍ صَخريةٍ من الأغبياءِ والمَعاتيهِ والرُّؤوسِ اليابسةِ. أو رُبَّما هو يَتراءَى لهُ ذلكَ! فهُم دوماً يَرمونَ إهمالَهم وتَقصيرَهم على عَاتقِه “واحمِلْ يا مَجد إن كانَ بإمكانِكَ أن تحمِل”.

طبعاً شُعورُ مَجد بِمَن حولِهِ ليسَ لأنَّهُ إنسانٌ ذكيٌّ ومُميزٌ نشيطٌ ومبتكر. بل لأنها الحقيقة. وهو ليس الوحيد الذي يشعر بذلك! فمعظم أقرانهِ في المُجتمعِ؛ يَظنُّونَ أنفُسَهم أذكياء، ومحاطينَ بهَالةٍ سَديميَّةٍ ضَخمةٍ منَ الأغبياءٍ. ممَّا يَدفعُنا للاستِنتاجِ أخيراً بأنَّ الكُلَّ أذكياءٌ بالفِعل أو أنَّهم أغبياءٌ! و لكُم الحُكم فأنا عَجِزتُ عن ذلك.

*****

(4) عام سعيد!

في لَيلةٍ (صيفية) بارِدةٍ، من شهرِ كانونَ الأول! لأحدِ الأعوامِ العِجاف، قَرأَ مجد منشوراً عبر “الفيسبوك” أثناء تصفحه لأحد الصَّفحاتِ يَقولُ (اكتُبْ كَلمةً تَصِفُ بها عَامكَ).

 بلمحٍ البَصرِ ارتَسمتْ ابتِسامَةٌ عَريضةٌ على وجهه. فكتبَ تَعليقاً بلهجةٍ عاميةٍ قالَ فيهِ “عامي السعيد: مَعك فرنك بتسوى نص فرنك”!

استمر بعدها في مَلله المَعهود، وانصرف لمتابعة مَنشُورات معايدات رأس السَّنةِ والأمنيات بعام سعيد، ومُراقبةِ مثالياتِ المُجتمع “الفيسبوكي”.

*****

(5)  سباق مع الزمن

منذ أن كان طفلاً صغيراً؛ بدأ مجد سباقه مع الزمن. فبدايةً كانت أمنيته الحصول على قطار  آلي صغير، يلهو به، ويرحل مع أحلامه، يسافر بخياله الطفولي! ولكنه كبر على هذه اللعبة؛ قبل أن يوفر ثمنها.

  في المدرسة حلم أيضاً بالحصول على دراجةٍ هوائية؛ تقله من وإلى بيته. لكن سيره على قدميه أنساه دراجات الحياة كلها، ليدخل بعد ذاك معترك الحياة، ويصبح أقصى أحلامه جمع ثمن “دجاجة فروج” ولكنه كان حياً وطار قبل أن يتمكن من شرائه!

الجميل في مجد، أنه لا يوقف أحلامه ولا طموحاته. فمع كل خيبة صغيرة، يولد داخله “حلم أكبر” ولا يزال يعتقد أن الأحلام الصغيرة قد لا تتحقق! لكن طموحاته الكبيرة سيحققها عاجلاً أم آجلاً، فطالما استمر يسابق الزمن، سيهزمه ذات حين.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *