الجمعة 19 أبريل, 2024

زيتُ قناديلِ القدس دماء

زيتُ قناديلِ القدس دماء

عمر شبلي  

26/12/2017    

csbli-1يا قدسُ،

يا عاصمةَ الحزنِ العربي، ويا آخرَ

راياتِ الله بجيشِ صلاحِ الدين.

من يرفعُ فيكِ أذانَ الصبحِ،

من يُخرِجُنا من هذا القهرِ، ومن

 هذا الزمنِ العربيِّ العبري؟

من يقتلُ فينا الخوفَ من الغَرْقـدْ[i]؟

من يُدخلُنا يا قدسُ إلى المسجدْ

ما ظل جدارٌ كي نبكي يا قدسُ عليه.

 في مسجدكِ المحزونِ يصلّي اللهُ

على الشهداء،

ويصلّي الجوعُ مع الفقراء.

يا قِبلتَنا الأولى،

يا مسرى من جعلَ الصحراءَ تُلبّي الصوتَ

 ليصبح عُشْباً وخيولاً من ماء.

صوتاً يهطلُ ضوءاً من “غار حراء”.

يا جلجلةَ المصلوبِ

يسوعَ بنِ الإنسانْ،

يا مئذنةَ التاريخ، ويا مصباحَ الإيمان.

أصْمِتُ من أجلكِ، أم أحكي؟،

أم أبكي؟.

والدمعُ سلاحُ المهزومين مدى الأزمانْ

لم يبقَ لنا يا قدسُ

سوى الآيات على الحيطانْ.

من يقرؤها، من يمنع ترجمة الآيات

 إلى العِبْري،

هل تَمنعُ عنكِ الذئبَ الخِرفان؟

             *****

ما بين يديكِ سأعلنُ أنّكِ أنتِ سَبِيَّةْ

من حِطّةِ[ii] أبناءِ الجيران.

طافوا بك عاريةً، وبأيديهمْ رفعوا القرآنْ.

وتخلَّوْا عنك أمامَ اللهْ،

وتخلّوْا عنكِ أمامَ النسوانْ

ما أحقرَ أبناءَ الجيرانْ،

أبناءَ عمومتكِ الخالينَ

من النخوةِ، والإيمانْ.

لو كان بهم شرفٌ عربيٌّ ما طلبوا

تزويجَك لاثنيْنْ

لِخَصِيٍّ،

ومُرابٍ يعرفُ كيف يُتاجرُ

 بالأوطانْ.

وتخلَّوا عن قِبلتِهم، وتوجّه كلٌّ منهم

صوبَ ترامب،

وولَّوا أوجهَهم شطرَهْ.

              *****

يا قدسُ

لن يغسلَ هذي الأرضَ من العدوان

سوى الفقراء،

ودمِ الشهداءْ

          *****

يا قدسُ دعي الأوهامَ فلن يتألَّمَ

 عنكِ أحَدْ

يتألَّمُ من أضنى زنديْهِ زَرَدْ

من لا يتألَّمْ لا يشعرْ بالقيدْ

لكنَّ رُفاتَك يا بنتَ الفاروق وصاحبِهِ[iii]

أعلى من أيّةِ مئذنةٍ في كلّ عواصمنا

 الخرقاء.

فجميعُ عواصمِنا “تورا بورا”[iv]

وجميعُ صياصينا “أَلَموتْ”[v]

           *****

يا أبتي أخبرْني عن طفلٍ لم يولدْ بعدْ.

ولماذا تقتله؟ أبَواهُ قد تركا القدسْ.

لكنَّ الطفلَ أبى أن يبرح،

ثمّ مشى بمظاهرةِ، ورأى المستعمرُ

في يدهِ حجراً.

قُتِلَ الطفلُ “الشِرّيرُ” هنا في القدسٍ،

 ولم يهربْ.

ولذا لم يولدْ بعدْ.

والآنَ أبوه يريدُ له قبراً.

فلماذا تقتلْهُ يا ربِّ، ولم يأثمْ.

قالوا: بل أثِمَ الطفلُ

فقد ألقى حجراً  ليردَّ

رصاصةْ.

                *****

ظلّتْ تُشبهُهُ القدسُ، وظلَّتْ

تحملُ من دمه للمؤتمر العربيِّ الإسلاميِّ

دماً يتكلَّمُ، يفضحُ موتَ المؤتمِرين

 جميعاً من دون استثناء.

ورأوْا في موت الطفلِ حياةْ ترعبهم!!!.

هذا موتٌ أكبرُ من أن يحتاجَ لأيِّ رثاء.

أخبرْني، يا أبتي، هل أثِمَ الطفلْ؟.

فلماذا تقتلُهُ؟

هذا ما لستُ أحيط به علماً

            *****

يا أبتي، مجمعُ بحريْنا لا خضرَ بهِ

أخبرْني من خرقَ اليومَ سفينتنا

قلْ لي: من أغرق مَن فيها[vi]ا؟

يا أبتي: إنَّ يسوعَ على جبلِ الزيتونِ

يبايعُ “بيغنَ” باللاهوتْ.

ماذا نفعلُ كي ننقذَهُ

ماذا نفعلُ كي نصلبَهُ،

 حتى يتألّمَ ثانيةً!!

        *****

يا أبتي،

 ألبحرُ “يُخوت”

ونعيشُ على الرمضاءْ

من دونِ بيوتْ

وقناديلُ الميلادِ خَبَتْ لا زيتَ بها.

يا أبتي،

هل نخرجُ من “أَلَموت”

أرشدْنا يا أبتي،

ماذا نفعلْ؟.

وضميرُ العالم صار مكاناً مهجورا

وجميع عواصمِنا تورا بورا.

يا ولدي،

جدران الأوطانْ

هدّمَها الساسةُ بالإذعان، وبالطغيان

يا ولدي، إنّ الطغيانَ ابنُ الإذعان

يا ولدي، من كثرةِ ما متنا

ما عاد لنا أكفانْ

ماذا يفعلُ ياولدي وطنٌ!!!

يحكمُه المُخبرُ والطغيان.

فلْنفرِضْ يا ولدي،

مات السجّانْ،

لكنْ يا ولدي سوف يظلُّ السجنْ.

من يفتحُ بابَ السجنِ لنا؟

ألحاكمُ؟

لا.

ألمُخبرُ؟

 لا.

يا ولدي:

صرنا نشتاقُ إلى السجّانْ

كي يفتحَ بابَ السجنِ لنا.

أوَما تتذكَّرُ تحت الليلِ أبا صالحْ؟

سجّاناً كانْ.

لكنْ، طيِّبْ.

قد كان يُحدّثني عن طفليْه

ويقولُ: هما مثلُكْ

في الليل يسُبّان الحاكمْ.

والصبحَ يريدان “المصروفَ”،

 وليس معي درهمْ

ماذا أفعلْ!!!

تتَسوَّلُ أنت الحريّةْ

 مِمّن؟

مِن فاقدِها؟!

حتى دمُكَ العربيُّ المهدور،

لاتملكُه، يا ولدي.

وأنا أتسوَّلُ “مصروفاً” منكم،

كي أُطعِمَ أبنائي.

أرأيتَ لماذا يا ولدي،

يتساوى في هذا الوطنِ العربيِّ

المسجونُ مع السجّانْ!!

فكلا الاثنين سجينْ،

وكلا الاثنين مَدينْ.

والخوفُ يحاصرُنا .

والخوفُ غذاءُ جميعِ الناسْ

والصمتُ رداءُ حلوقِ الناسْ

تتناولُ هذا الصمتَ منازلٌنا

 وجْباتِ غذاءْ

ومساجدُنا وجْباتِ دعاءْ.

لكنْ، شكراً للأنترنيت،

شكراً للغوغلْ

قالوا: لا غالبَ إلاّ الله.

نعم،

لكنَّ الله يقول:

 وأعِدُّوا…

يا ولدي:

نزلَ القرآنُ على الإنسانِ محمّدْ،

والسيفُ معاً في “غار حراء”

في القدسِ أذانْ.

لكنْ، أين الآذان؟

آذانٌ كانت للشهداءِ، قضَوْا.

لكنْ آذانُ الحكّامِ لها حيطانْ.

يا ولدي، أنتم من جيلٍ

يصنعُه القهرُ، ويقتلُهُ الطغيانْ.

         *****

يا أبتي

هذا القهر الموجودُ بصدري،

كيف أمزِّقُه؟

ياولدي، أنتم في غابٍ.

فاحذرْ أن تتجوَّلَ في الغابٍ بلا أسنانْ

قوَّتكمْ تكمنُ في الإيمان،

بأن الأرضَ لكم،

 واللهُ الساكنُ في القدسيْن لكم،

فالله هنالك لا يتكلّمُ إلاّ اللغة العربيّةْ.

وأنا يا أبتي روحي عربية.

وجراحي كانت عربيّةْ.

لن يفهمَ روحَ عروبتهِ

من لم تكنِ القدسُ المصلوبةُ فيه.

ومن القدسْ

صعدَ العربيُّ، وكان الضوءُ بُراقاً

يركبُهُ، كي تتساوى في رحلتهِ

أرضٌ وسماءْ.

الأرضُ سماءً كانت في رحلة هذا البدويِّ

الإنسانِ، المعصومِ عن الأخطاء.

ودنا، فتدلى حتى لامسَ سِدرتَهُ،

ورأى من آيات الله الكبرى

عربيّاً سوف أظلُّ، وسوف تظلُّ القدسُ

ترتِّلُ قرآناً عربياً،

 لا لحْنَ بهِ.

             *****

  أرثيكِ، وأنتِ طيِّبةٌ،

 أرثيكِ، وأنت على الصلبانِ،

وأمُّ نبي.

أعلنُ في يومكِ يا سيدتي

 موتَ العربِ.

نتقاتلُ فيكِ على اللهِ، ونقتله فينا،

ونغامرُ في سرقاتِ الإيمانْ،

ونُكَذِّبُ ألفَ نبي                 

          *****

ألموقفُ لا يحتاجُ سؤالْ.

وجوابُ الأسئلةِ الكبرى، يا قدسُ، مُحالْ

هل يُعقَلُ أنّ خصيّاً يُنجِبُ؟

أو عملاءَ تقاتلُ من أجلِ الأوطانْ.

أما نحن فإنّا

نتشدَّدُ، نعلنُ، نرفضُ، نخطبُ، نشجبُ،

لكنّا كذّابون.

لو تنظر في الصورة تدركُ كم نحن،

وكم هم كذّابون.

يا حكّام العربِ…

أنا أخجلُ حين أناديكمْ.

أنا أخجلُ حين أسمّيكمْ،

يا سادةُ، يا ساداتْ

قولوا يوماً، وخذوا عمري:

ألقدسُ لنا.

وأخيراً قرّرَ مؤتمرُ القمّةْ،

ولكي لا يزعلَ منّا ترامبْ،

لابدَّ لنا من تخفيفِ الموقفْ،

طبعاً مع تضخيمِ الكلمات.

وبعد،

يتكرَّرُ في قِمَمٍ تأتي نفسُ الموقف،

دون استحياء.

والأقصى يصبحُ أقصى من قبلْ.

يا قدسُ،

جراحُكِ في أعماق القلبِ تضيء.

وخيانتُنا يا قدسُ تضيء.

       *****

سنقاتلُ إسرائيلْ،

 بالمؤتمرات، وبالكلماتِ وبالأشعار،

وتدجينِ النافرِ منها.

سنقاتلُ إسرائيلْ،

ولشدة مهزلةِ الحكّامِ تُحِسُّ

كأن القمة قد عُقِدتْ في “تل أبيب”.

ما أسعدَنا لو يأخذهم منّا عزرائيلْ.

يا سادة، يا سادات،

إمشوا من غير رؤوس.

إنّ رؤوساً تصبح أحذيةً

والقدسُ تُفَضُّ بكارتُها عند الظهرْ.

ما أصعبَ فضَّ بكارتِها عند الظهرْ.

لو في الليلِ تُفضُّ بكارتُها

أستَرَ كان.

فلنمسحْ هذا الدمّ بمؤتمرٍ عربيّ

في المؤتمراتِ العربية والإسلاميةِ

لا يحضرُ إلاّ الموتى والخصيان

ولْتَحْيَ القدسْ.

وليصدرْ من بعدِ الخُطَبِ العصماءِ

بيانْ

ويّوَقِّعُ من حضر الجلسةَ

بالدمِّ عليه، أو بالماءْ

فالفرقُ ضئيلٌ بين الماءِ وبين الدمْ.

فالقدسُ يحقُّ لها أن تُحمى

بخطاباتٍ لا تُهزَمْ،

بخطاباتٍ فيها وَرَمٌ،

لا أسنانَ لها.

              *****

يا قدسُ بيانُ القمةِ مكتوبٌ سلفاً،

وبحبرٍ أمريكي.

عذراً يا ترامبْ،

لا تقسُ على الحكّام

 يوميّاً واحدُهم في شانْ

             *****

قيلَ لنا: إنَّ الحاكمَ من أبناءِ الشعبْ.

لكنَّ مهمّتَه أن يزني بالشعبْ.

 في الشعبِ جلاوزةٌ،

وأمامَ أبيهم مرتزقةْ

في يومِ المؤتمرِ العربيِّ الإسلاميّ

ما نام ترامب خوفاً منكم

يا حكّاماَ مذعورين، ويا

شعباً من غير قيادةْ

يا سادة من غير سيادةْ

      *****

      *****

والحاكم يحملُ سيفاً من خشبٍ،

سيفاً مُعْوَجّاً يشبه قوس النصرْ

في سوحِ عواصمِنا.

حكّامٌ  عربٌ أمجاد!!!!!،

رقصوا بالسيفِ مع الواطي “بوشَ” القَوَّاد

على جثَّةِ بغدادْ.

يا وجعَ القلبِ على بغدادْ

يا وجعَ القلبِ على غزّة،

وعلى القدسِ بأعياد الميلادْ

وعلى أطفالٍ يرتكبون شهادتَهم

في الأعيادْ.

والحقُّ على الطليان.

في مؤتمرات القمة

لا يمكنُ أن يجتمعَ اثنانِ على

رأيٍ واحدْ

لا يمكنُ أن يجتمعَ الآنَ ولا بالعمرِ على

رأيٍ عربيّانْ

      *****

أفهم أن ينهزم التاريخ، ولكنّي

لا أفهمُ كيفَ نبيعُ القدسَ،

وفينا ذرَّةُ إيمانْ

لا أفهمُ كيف القدسُ تصلّي دونَ أذان.

ويصيرُ الأقصى أقصى باستمرارْ

“فلا الأذانُ أذانٌ في منارتهِ    إذا تعالى ولا الآذان آذانُ”[vii]

لكنّي أعتذرُ الآنَ،

وأنا أتجمّعُ في

أطفال حجارته، وحجارةِ أطفال

يتحدّوْن الموتَ الحتميَّ بأفئدةٍ،

كانت مثلَ الأقصى تتجلّى عاريةً

إلاّ من حبِّ فلسطين.

فاصدعْ يا هذا الطفلُ

بما تُؤمَرْ.

 الحجرُ الموجودُ بكفِّك خنجرْ

فاصدعْ يا شعبَ الجبّارين

بما تُؤْمَرْ.

           *****

 في خابيةٍ كان “بلالُ” يؤذِّنُ، لكنْ

لم تخذلْه الآذانْ.

يا ابنَ الأرقمْ[viii]

لا تُغلقْ هذا الصوتَ، فمنه تنبلجُ البطحاءُ

ويُعبَدُ ربُّ البيتْ.

وأخيراً،

مؤتمرُ القمة بالإجماع،

قرّرَ تأجيلَ التحريرإلى أن تنضجْ  

“جلودُنا قبلَ نضج التينِ والعنبِ”[ix].

خوفاً من تنجيمِ السَحَرةْ.

وإلى أن يتّحدَ الوطنُ العربي

” من مرّاكشْ للبحرين”

وإلى أن يرجعَ “ذو القرنيْن”

ويبني سورَ الصين،

وإلى أن يهطلَ فوق الشرقِ المطرُ

الأحمرْ.

وسيهطلُ باسمِ الله، وما قدَّرْ.

وأضاف بيانُ القمة أنّ اللهْ

سيقاتلهم معنا،

وسيمسخهم في الأرض قروداً،

وخنازير.

كانوا في السبتِ إذا سَبَتوا

يصطادون الحيتانْ

واليومَ بكثرتنا صِرنا نحن الحيتانْ.

.

قلتم:

ألبيتُ له ربٌّ يحميه،

من أبرهةٍ ربِّ الفيلْ.

لكن من يحميكم أنتم؟

يا هذا البدويُّ الموغلُ في الرملْ،

ألدربُ طويلْ،

والكعبةُ أبعدُ من خرطومِ الفيل،

وأبرهةٌ يحتاجُ دليلْ.

 أعرفُ من باعَ اللهَ وكعبتَه بالمال[x].

أتحبون المسجدَ والصخرةْ!!

لا صخرةَ إلاّ أنتمْ

يا أوثانْ

كونوا أوضحَ،

 قِمّتُكمْ هذي لا تحتملُ التأويلْ

ألآن عليكم صارتْ أوضحَ

بصمةُ إسرائيل.

          *****

وأنا أتقيّأ تصريحاتٍ عربيةْ،

إسلاميةْ

وأصابُ بداءِ البَوْل على….

والبوْلُ له قصصٌ أخرى

ترويها الغُرَفُ السرّيّةْ

               *****

ومساجدُنا لا يوجَدُ فيها إلاّ اللهُ،

أستثني قائمة الشهداءْ،

والمعتقلين لأجلِ فلسطينْ.

فهمُ الرُكَّعُ والسُجَّدُ في المسجدْ

وهمُ الأحياءُ، ونحن الأموات.

ما نفْعُ صلاةِ العبدِ بيوم القدسِ

بغيرِ فداء.

لا يصلحُ أمرُ الأمّةِ ما لم يُقتَلْ

 فيها السفّاحْ

ومُسَيْلِمَةُ الكذّابْ.

لا يصلحُ أمر الأمةِ إلاّ في

تغريدةِ قتلِهما.

وعلانيةً يُشنَقُ في “ألَموت”

“حسنُ الصبّاحُ،

بحبلةِ زوجِ “سُجاحْ”[xi]

               *****

من كان يصدِّق أنّا في القرن

 الواحد والعشرين

حكْمُ الحاكمِ في الوطن العربي

أطولُ من عمر الإنسانْ

والحاكم معصومٌ،

لا ينزلُ عن كرسِيّهِ حتى

ينزلَ في القبرْ.

كرسيُّهُ أوسع من وطنٍ

يدري السرَّ وأخفى

رضي اللهُ عن الحكّام.

قالوا بالحرف لنا:

لا، لن تَهِنوا،

فهزائمنا ليست أكثر من نكساتْ

ما دام الحاكم موجوداً

وبخيرْ

     *****

بدويٌّ جاء على جمَلٍ

فُتِحت أبوابُ القدس له،

ودعتْهُ كنائسُها

كي يعبد فيها اللهْ

لكنْ لم يقبلْ

هل تدرون لماذا؟

علَّمَهُ صاحبُه أن يحترمَ الأديانَ،

ويحترمَ الإنسانْ

     *****

أما أنتم يا أطفالَ فسطين

بصدورٍ عاريةٍ تتحدَوْن الموت

والحكامُ العربُ اتفقوا أن لا يتَّفِقَ اثنانْ.

هذا الطفل الثائر حتى الموت

هو مؤتمرٌ عربي

يشحذُ بالجرحِ السكّين،

ويخاطبُ كلَّ المؤتمِرين:

بصوتٍ لا يتَعدَّدْ.

فخذوا من حشرجة الصوت

بلاداً لا يخذلُها المعنى

إصعدْ فالصخرةُ ليستْ أبعدَ من قدميْك،

و “بُراقُكَ” موجودٌ حيثُ الأقصى يوجَدْ

 في رجليكْ عنادٌ موتورٌ لا ينفدْ،

والصخرةُ مِهمازك صوبَ الله،

وصوبَ الأرضْ.

يحملني الماءُ فأبصرُ يوحنّا

مذبوحاً عند النهرفأحملُه،

وأغَسِّلُه من إثم النهر،

والنهرُ إذا خذلَ المعنى يأثمْ،

يجري، لكن لا يتجَدَّدْ.

           *****

ومبادرة السلم العربيِّ سِفاحْ

وقرارات القمةِ ليست غبرَ نُباحْ

لا معنى للصوت العالي،

حين الصوتُ سلاحْ.

وأُصَرِّحُ أنّ اللهَ معي، وأنا مهزومٌ

من عصرِ “مُسَيْلِمةٍ” و”سُجاحْ”.

تدرون لماذا تُرهِبُنا أشجارُ “الغرقدْ”

نحن العربَ الموبوئين بتعداد السكّانْ؟

قد ماتَ النخل، لهذا يُرهِبنا شجرُ الغرقدْ،

 ولأنّ العابرَ صوبَ الضفّةِ

ليس الصقرْ،

صقرَ قريش.

ولأنّا أبعدنا الصقرْ،

صارت غرناطةُ أبعدْ.

           *****

يا مريمُ لا تلِدي طفلاً،

يطردُه العشّارون من الهيكلْ.

وإذا ما جاءكِ روحُ القدس،

لينفخَ فيكِ مُخَلِّصَنا،

فخذي بيديك الجذعَ، وهزّي النخلْ

يَسَّاقطْ بينَ يديكِ فلسطينيٌّ

يعرفُ كيف يقومُ، وكيف يموتُ،

 ولا يُصلَبْ

يا مريمُ من جاء ليطعمَنا عِنَباً

كان الثعلبْ،

من هزّ النخلَ ليطعمنا رُطباً سرق اللهْ.

يا مريمُ إنّ فلسطينياً يحملُ

في يدهِ حجراً سيُعيدُ اللهَ إلى المعبدْ

وسيقلعُ أشجارَ الغرقدْ،

وسنمنعُ فادينا، ومُخلِّصَنا من

 أن يُصلَبْ

يا مريمُ نحن نريدُ يسوعَ بنَ الإنسان،

ونريدُ لنا وطناً لا يصلبُه التجّارْ.

يا مريمُ هزّي النخلة تنجبْ

“عهدَ تميمي”

ما أصعبَ أن يُصلَبَ وطنٌ،

يا “عهدُ”،

ومن خشب الوطن الصُلبان.

               *****

يا قدسُ،

 يا “عهدُ”.

لكما فينا عهدُ

أن يبقى الجرحُ على المتراسْ

ظنّوا أنّكما جاريتان بكفِّ الشاري والنخّاس.

وظنّوا أنكما كالأنظمةِ العربيّةِ تُشتَريان

وبئس الشاري والنخّاسْ.

هذا الوطنُ العربي،

 يسرقُهُ الحُرّاسْ

ويُباع،  ويُشرى، ثمّ يُقَطَّعُ، ثمّ يُعَبَّأُ

 بالأكياس

 وليس له إلا السكّينُ

لردْعِ الصهيونيِّ سلاحْ

سنقدّمُ في كَرَمٍ دمَنا

لا شيءَ سوى دمنا يا “عهدُ” مباحْ

             *****

رجلٌ أعمى، ومدينتُه أبعدُ من قدميْه.

قد جاء، وناولَني شجرَ التفاحَ،

فقلتُ له:

ما معنى أن تدخلَني جنّة عدنٍ،

والقدسُ وشاحٌ يلبسه “الليكود”،

ويلبسُه “راكاح”.

فأجابْ:

كُلْ من شجر التفّاح لكي تنسى.

وأكلت، وقلتُ له:

لكنَّ عروقَ الأرضِ أبَتْ أن تشربَني

من غيرِ جراحْ.

فأجابَ: إذنْ ستموتُ،

فقلتُ: الأرضُ ستنبتني،

والسجنُ له مفتاحْ.

           *****

يتقدّمُ شيخٌ آخرُ، كان يسيرُ على دمِهِ،

ويلمُّ الدمَّ.

ويسألُهُ جنديٌّ: كيف تلمُّ الدمْ؟.

بل كيف تعيش، وأنت تموت؟

أوليس لديك ثيابٌ أخرى تلبسُها؟

فأجابَ: دمي.

لن تُهزمَ حين يكون الجرحُ معكْ

ويكونُ الجرحُ سلاحْ

هل يُعقَلُ أنَّ الجرحَ يُحبُّ السكّينَ!!!

ويشحذُها بالجرحِ؟:

نعمْ،

وإذا السكّينةُ لم تجبنْ

فالجرحُ الفمْ.

           *****

هذا الوطنُ العربي،

يتناسلُ فيه موتى من موتى،

وتصرّحُ أحذيةٌ عن أحذيةٍ،

لا شِسْعَ لها.

لا رجلَ “كليبَ” بها،

لا سيفَ أخيه.

والصخرةُ ليس عليها دمْ.

صخرةُ “وائلَ” ما زالت تعوِلُ

في الصحراء.

” ولستُ بخالعٍ درعي وسيفي     إلى أن يخلَ الليلَ النهارُ”[xii]

صخرةُ “وائلَ” شنّتْ حرباً دامت

خمسين سنةْ.

يا ليتنا بدْواً نظلُّ لننتخي     من شيمة البدويِّ أخذُ الثارِ[xiii]

والصخرةُ باكيةٌ في القدسْ.

يتسلّقُها الجنديُّ ليطلقَ ناراً

تجرحُ وجهَ الله، وتجرحُ وجهَ الفاروقْ

فالقدسُ قد فتحتْ لراكبِ ناقةٍ    أبوابَها، وعَصَتْ على الطيّارِ[xiv]

                      *****

هذا زمنٌ نتكاثر فيه مجازاً،

كيف سننجز فعلاً، إذْ نحن مجاز!!.

يا وطناً، يبدأ من صحراءَ بلا سلماسَ[xv] إلى

وطنٍ ما عاد له حُرّاسْ.

يا وطني نبدأ من أين!!.

هل تعلمُ أن خلافات العرب الأقحاح

مع الصهيونيةِ، إن وُجدتْ،

هي ليست أكثر من صفرٍ،

 لو قسناها

بخلافات السنّة والشيعة!!

يتوالدُ في هذا الوطن العربيّ ،

 سجّانٌ من سجّانْ.

وسيمنعُ أيَّ “أبي ذرٍّ”

أن يوجَدَ إلاّ في “الرِبْذةْ”

لا خبزَ لديه سوى عشبِ الصحراء،

وجرادْ

يجدُ الجَوْعانُ به لذَّةْ

      *****

يا “عهدْ”،

ماذا بعد؟

فلنخلعْ صاحبَنا الواني، وُنُصَلِّ معَ الحجرِ

الموجودِ بكفِّ فلسطيني،

ولْنجعلْهُ إماماً في “الأقصى”

ولْنُبعِدْ كل جبانٍ للأقصى

ولْنَتَوضأْ يا “عهد”

بدمٍ من جرحِ فلسطيني

يا أشبالَ فلسطينْ،

ما ظلّ لكمْ في هذا العصرِ سوى

السِكّينةِ  والحجرِ،

هذا رغماً عن مؤتمَرِ القمّةْ

ما هَمْ!!

 فليبقَ المطبخُ بعدَ اليومِ

بلا سِكّينْ.

وبلا الخبرِ الصادرِ عن مؤتمر القمّةْ

ما عدْنا يا “قدسُ” الأُمّةْ.

 في مؤتمرِ القمّةِ يا “قدسُ” غَدَوْتِ أَمَةْ.

لابدَّ لكم يا أهلَ فلسطينْ

من لحمٍ تعرفُه السكِّينْ.

من جرحٍ يبصره الجنديُّ الإسرائيليُّ،

 فيهربُ منه،

ويرى فيه نبيّاً عربيّاً يحمل قرآناً بيمينْ،

ويرى سيفاً في يسراهُ

هو من نزلَ القرآنُ عليه،

ليقولَ لهُ: اطردْهمْ من مسجدهِ

من كلِّ فلسطينْ

         *****

لابدّ لنا من جرعةِ قهر،

من جرعةِ حبٍّ يصنعُها شرفٌ، ووفاءٍ

للقدسِ، وللجرحِ المشهورِ بوجهِ

رصاصِ “نتانياهو”.

لا بدّ لنا من آلةِ وعيٍ،

تجتثُّ الحكّامَ المحكومين.

لا معركةٌ من غير سيوفْ.

والذلُّ سليلُ الخوف.

لا بدّ لنا من موتٍ عربيٍّ آخرْ

ولْيعلمْ حكّامُ العرب “الشجعان”

أنَّ فلسطينْ

بزغتْ يوماً من “حِطّينْ”,

من سيف “صلاحِ الدين”.

       *****

يا أبناءَ المحنةْ،

يا أبناءَ الأرض المسبيّةِ والمنفيّةِ

والمصلوبةِ منذُ سنينْ

لا بدَّ لكم من أعمارٍ أخرى

حتى تجدوا فيكم عهداً أخرى،

حتى يُنجِبَ شعبُ الجبّارينَ

أبا عمارْ.

حتى يُنجِبَ أحمدَ ياسين.

وتقولُ لكم “عهدُ تميمي”

من لا يعرف كيف يموت

لا يعرف كيف يعيش.

 ذو الموقفِ ليس يموت

في الموقف أكثرَ من مَرّةْ

وجبانُ النفسِ يموت

في الساعةِ أكثرَ من مرّة

          *****                    

هوامش

  ــ الغرقد: من شجر بني إسرائيل كما جاء في الحديث الشريف ” …إلاّ الغرقد فإنه من شجر بني إسرائيل”[i]

 ــ الحطة : الانحطاط[ii]

  ــ صاحب الفاروق هو خادمه الذي زامله في طريقه إلى القدس[iii]

  ــ تورا بورا منطقة جبلية في أفغانستان لجأت إليها طالبان، والكلمة تعني الكهف الأسود.[iv]

ــ ألموت ــ هي قلعة الحشاشين في جبال فارس وكانت مقراً لمؤسس حركة الحشاشسن حسن الصباح.[v]

 ــ إشارة إلى حوار النبي موسى مع العبد الصالح في سورة الكهف في القرآن الكريم.[vi]

 ــ هذا البيت لأحمد شوقي.[vii]

 ــ دار ابن الأرقم كانت مكاناً لتجمعِ المسلمين في فجر الدعوة.[viii] 

 ــ إ شارة إلى قصيدة أبي تمام:[ix]

تسعون ألفاً كآساد الشرى نضجتْ     جلودهم قبل نضج التين والعنبِ

 ــ إشارة إلى أبي رغالْ الذي دلّ أبرهة على الكعبة.[x]

 ــ سجاح هي زوجة مسلمة الكذاب[xi]

 ــ هذا من شعر المهلهل يرثي أخاه كليباً[xii]

 ــ هذا من قصيدة لي[xiii]

 ــ هذا من قصيدة لي[xiv]

 ــ نبات صحراوي يتحدى الجفاف .[xv]

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *