الخميس 18 أبريل, 2024

الهدية

الهـديـّة

حليمة بريهوم

(الجزائر)


تعلم أنني أهوى المعلقات، لكنني لستُ في مستوى الشاعرات، أصنع بخيالي أثمن الهدايا لأغلى الشخصيات، ليقيّم مستواي في نسج الحكايات، عبر ممرات، في مدن الحكايات التي يستأنس بها المنصت المسترخي من طرف راوٍ خبيرٍ في الروايات، ولك أن تقبل لأنني لا أرضى بغير الإستسلام وقبول الهدية، أو الإنسحاب ونسيان الوصية، وتنتهي القضية بإنتهاء الأحلام الفتية، في قصة إختيار الهدية..

وإليك..

ماذا أهديك في  العيد؟

عطراً فاخراً لا أشمه عليك؟

أم عباءة تستريح فيها بعد عناء العمل، تمتص جهد يومك وبلل عرقكك ولا أطويها في خزانتي؟

أم أهديك بيتاً من الشِّعرٍ تؤوله كما تشاء وتفصله حسب مقاسك العاطفي؟

أم أهديك كتاب وأنت مكتبتي كلها؟.. فلا يصحُّ أن أهديك ما لممته منك..

ما رأيك..

إن أشهر الهدايا الساعات..

نعم..

الساعات وحدها.. تلك هي التي تجمعنا معاً في دوامة لا تنتهي من اللحظات الخيالية.. هي التي تطوينا كطي الصفحات في الكتب، فنبقى ندور كعقرب ساعة: يقتل الثواني ليحيي الدقائق.. يقتل الدقائق ليحيي الساعات، فهو في حركته، التي تشبه إحساسي، طاحونة حجرية تفتت أجزائي إلى حبيبات أنثرها عليك، فنشتاق للإحتراق في نوبات عناق..

كم هو مؤلم هذا الحنين الذي يَصهدُ بحرارته عظامي وتحتك بلظاه روحي حتى تشب ناري.. تسحقني، تتكوم بقايا جمر فحمه صار رماداً أنثره على ريح تذكرك.. جمراً يُضيءُ ظلمة ظنوني، فتتضوح الدنيا من حولي بعطرك الذي لا أعرفه ليصل إلى عظامي..

لنرتح قليلاً..

يا لهذا الاشتعال الذي يلهب حرفي متوارياً عنك..!!

ماذا أهديك يا من لم ألتق به إلاّ في حومة من نجوم تعانق أحلامي..

إنه بعض جنوني الذي ينتاب به كياني..

يا لحنانك.. وأنت تذكرني بأنوثتي التي ضاعت منذ زمن؟؟ حمداً لله أن ملامحي لم تخترقها العناكب وتلفها بخيوطها أو تمحو منها رياح الصبا.!!

لنصمت..

لتسكت عيناك عن قراءتي..

ليس من السهل الاختيار، ربما أعدل عن قراري قبل لحظات من إطلاق مشاعري وأًًبعث ـ إلى ما لا نهاية ـ قبلات أنثرها على كل أنحائك.. وإن شئت أسكنها شفتاك..

هديتي لا تُحسب بالدراهم والأرقام.. بل  إحساس عابر للقارات، يحملها إليك، فهي تختصر كل حواسي.. تلهمك أنها مني.. فمن عيوني أغلى النظرات، ومن يديّ أحنّ اللمسات، ومن لساني أهدَى الهمسات، وتشم من خلالي بخور يسافر بك إلى غير مجرات، وتتذوق من ريقي الشهد الزلال..

لأصمت..!!

فقد أعيتني الكلمات..! لتصمت عيناك عن حرفي.. الآن أخبرك أنني عاينت يميناً وشمالاً، في كل المحال والواجهات، وأدركت أن الذي يليق بك لا يخصُّ المشتريات وكل المقتنيات..

مقالات ذات صله

1 تعليقات

  1. فتحية ديما

    جميل… هدية من نسج الخيال..
    الى شخص مرسوم من فكر راق…
    افكارك سيدتي مشوقة…
    وكلماتك ومعانيها سحرية…
    دمتي صانعة الهدايا

    الرد

الرد على فتحية ديما اغلق الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *