الخميس 28 مارس, 2024

ليلى طوبال: الحلم يضمد جراح تونس

ليلى طوبال: الحلم يضمد جراح تونس

محمد أمين بن هلال

festival_de_carthage_6_thumbتونس | سلوان هو ماء النسيان الذي يُحتسى ويُغتسل به لنسيان ما مرّت به تونس غداة الثورة وانتخابات “المجلس الوطني التأسيسي” عام 2011. الانتخابات التي أفرزت مجلساً عُهد إليه كتابة دستور الجمهورية الثانية وحكومة الترويكا المكوّنة من “حركة النهضة” كغالبية و”حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية” و”حزب التكتل من أجل العمل والحريات” وهما المحسوبان على يسار الوسط. المسرحية التي تنطلق بموسيقى هادئة تلاها دخول الممثلة ليلى طوبال مرتدية لباس العروس، كأنها تونس تتساءل عمّا آلت إليه أوضاعها، عن الأزمة الاقتصادية والسياسية، عن أحوال الناس الخائفة من المستقبل والمتوجّسة ممّا قد ينتظرها إن لم يكن هناك من يوقف هذا المدّ الجامح من “المصائب”.

في عرضها المونودرامي “سلوان” الذي افتتح مهرجان “قرطاج خارج الأسوار” أخيراً، تنتقد ليلى طوبال الانحرافات التي شهدها المجتمع التونسي بعد الثورة. أيضاً، تنتقد بشدة وسخرية قاتلة وضع المرأة بعد ظهور ما يسمى بالربيع العربي وتفشي الفكر الديني المتشدد وسيطرة الإسلام السياسي. تعود ليلى إلى ذكريات الصغر، إلى تاريخها، تاريخ تونس المجسّد في أبنائها وبناتها، وحكايات المدرسة مع المعلمين، وحكايات العشّاق وأول شخص أحبته ورسم عليها قبلات عرّفتها على عالم جديد بالنسبة إليها. تتحدث وتتحدث ولا تنفك تطوف بالحاضرين هنا وهناك. وفي كل مرة، تعود صورة المرأة في العالم العربي ونظرة بعض السياسيّين التونسيين (الإسلاميين تحديداً) إلى كونها عورة، وشرف العائلة الذي يجب أن يُصان. يريدون بحسب رأيها أن يتحكموا فيها وأن يسطّروا لها دربها وطريقها الذي لا يجب أن تحيد عنه منذ الولادة وحتى الممات.

في العرض الذي كتبته بنفسها أيضاً، كرّمت ليلى في مسرحيتها شهداء تونس من جنود وأمنيين استشهدوا في مواجهة الإرهاب الذي ارتفعت وتيرته بعد الثورة التونسية. وكرّمت شهيد الوطن شكري بلعيد الذي تم اغتياله أمام منزله في عام 2013… شكري الرمز الذي كان يعيش معنا فأصبح فينا. تدعو طوبال التونسيين إلى الحلم كي يتحسن وضع الوطن، تقول لهم: “احلموا حتى ولو كلفك الحلم غالياً”، فتونس تستحق الحلم والعمل على تحقيق هذا الحلم. تونس، تلك المرأة التي هُشّم فمها ثم دعوها لتضحك فأخذت تتهاوى يوماً بعد آخر. دامت المسرحية ما يقارب الساعتين تخللتها مقاطع موسيقية مختلفة منها ما هو معروف على غرار معزوفة “مسار” لثلاثي جبران. هنا وقعت الممثلة والفريق العامل معها في تعارض، إذ تم الطلب من المصورين التلفزيونيين التوقف بعد تجاوز الثماني دقائق حفاظاً على الملكية الأدبية والفكرية، في حين سمحت لنفسها بـ “سرقة” مقطع من هذه المعزوفة. وفي ما يتعلق ببرنامج ليلى بعد هذا العرض، تستعد الفنانة للمشاركة في “أيام قرطاج المسرحية” التي ستنطلق بعد شهرين إن تم قبول ملفها، في حين سيكون نشاطها ضمن فضاء الـ”تياترو” للمسرحي توفيق الجبالي بعد مغادرتها فضاء “الحمراء” عقب خلاف مع فقيد المسرح التونسي عز الدين قنون.

عن مسرحيتها، تقول ليلى إنها “امرأة تنتقم من القاتل فتطلب تأجيل لحظة تنفيذ الحكم فيها كآخر رغبة لها لتروي حكايات الوطن وتحيل على القضايا التي عاشتها تونس في فترة حكم الترويكا وما تخللتها من أزمات وصراعات إيديولوجية واستحقاقات مؤجلة من أبرزها قضايا الشهداء”.

جريدة الأخبار اللبنانية 1/8/2015

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *