الثلاثاء 19 مارس, 2024

حبيبتي كائنٌ ضوئيٌّ

حبيبتي كائنٌ ضوئيٌّ

حيّان الغربي- سوريا

 

شفيرٌ أفصّله للوادي

وأعمّق جروحاً أحدثتُها في الأرض

بفأسٍ في فمي

يستحيل هاويةً

أتمدّد في ثغرها حالماً

هل أرمي نفسي وينتهي الأمر؟

لكنّي مهما ارتميتُ لا أهوي

ومهما ارتقيتُ لا أعلو

لعلّها صعدت إليّ أخيراً

لذلك، أنا لست معلّقاً في الهواء الطّلق

ولا عالقاً في الخواء المطلق

كما كنت أظنّ

إذاً، فلأقف كذلك النّسر المغرق في العزلة

منتظراً أن تحلّق فوقي

معاني أخرى للفراغ الملوّن

 

أنا النّهر الذي لا يروي إلا سيرةً وحيدةً للجريان الأزليّ

أنا النّهر الذي لا يروي إلا زهرة نرجسه الوحيدة

أنا النّهر، يقتلني الظّمأ

كم أنا مشتاقُ لماء ما برح يخلف وعده بالتوبة!

لو كنت أستطيع المشي على قدميّ

لكنت طويت مجراي مثل سجّادةٍ قديمةٍ

وحملته تحت إبطي

ثم ذهبت إلى البحر

لعلّي أطمئنّ على مائي الضّال

 

مهلاً، مهلاً،

تانك سحابتان لا تفارقاني

إذاً، أنا لست أعزلاً تماماً

وإن ألقيت قلبي

عند أولّ هزيمةٍ

واحتفظت بالألم

لأصنع غمداً لسيفي

أنا، الرّجل الذي قُتِلَ

على هامش أربعٍ وأربعين حرباً،

لم أجرؤ يوماً أن أحارب خوفي

كما يليق بفارسٍ مثلي،

أقطع السّهوب بطيئاً، كسولاً،

مثل نسرٍ مسنٍّ،

نعم، سأغسل جناحيَّ بالفضاء

وأحتفظ بهما تحت فراشي

أو سأضعهما بمهابةٍ على رفّ التذكارات

 

سمعت الشّعراء يتآمرون على ذبحي

جهّزت عنقي وبحثت عن سكّين وحجرٍ بين أنقاض اللّغة،

لعلّ ذبحي يتمّ في سلامٍ

مع شيءٍ من الإيقاع الهادئ

 

كان أبي يقف بجانبي، إلى الخلف قليلاً،

على الشّفير، حائراً، أيدفعني ويخلّصني؟

أم يمسك بي ويخلّصني

إن وقعت؟

وتساءلت أنا بدوري: يا بنيّ، هل سأقف يوماً

بجانبك، إلى الخلف قليلاً؟

هل سأقف حائراً؟

 

حبيبتي كائنٌ ضوئيُّ

أتيقّن كلّما تزورني أنّ هذا المجاز لن ينتهي

أسألها: ألا تدلّيني على ذراعٍ لأتأبّط؟

أو نهدٍ لأتوسّد؟

تذكّرني: الضّوء يخشى تلوّث أنوثته بعرق المحاربين

إذاً، حبيبتي لا تحبّني،

أحصي الكواكب التي جمعتها في يدي

أنظر يديّ في ندمٍ،

ماذا اقترفتما أيّتها الشقيّتان؟

من بين أصابعي تنهمر بلازما ضحاياي

وتفضحني، يفضحني ما صنعت يداي

 

كلّما قرّرت أن أخرج إلى العالم،

كما أراد لي أبي ذات يوم،

وجدتني أسقط في نفسي

أسقط منتصباً على أرضٍ لا جافة ولا طريّة

وما يحيط بي لا عتمةٌ ولا ضوءٌ

إذ أرى فِرقاً من النّساء يخِطن

الجّروح التي أحدثتها في الأرض

في مطلع هذي القصيدة،

وأحياناً، عندما يسترحن،

يرتشفن قهوةً أذكر أنّني أعددتها لهنّ

ويثرثرن، كلماتهن ليست واضحةً،

لكن، آه ما أجمل حديثهنّ!

أشتهي أن آكل أصواتهنّ

ثمّة رجالُ كثرُ أيضاً

جميعهم يشبهونني

بأيديهم مطارقُ صغيرةٌ

يرمّمون أفقاً مزّقته الحرب ربّما

لا لون له، وإن لم يكن شفيفاً

لكن أحداً منهم/ منهنّ

لم ينتبه لحضوري

 

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *