الخميس 28 مارس, 2024

منطلقات رؤيوية في “معجزة أسماء السور القرآنية”

منطلقات رؤيوية في

“معجزة أسماء السور القرآنية”

لعلي راضي أبو زريق

بقلم : علي .أ. دهيني

حين طالعت الصفحات الأولى من كتاب “معجزة أسماء السور القرآنية” وغادرتها إلى ما بعدها من صفحات تتالت إلى ما يقرب من 775 صفحة، تساءلت مع نفسي: علاما اتكأ الأستاذ علي راضي أبو زريق في وضع كتابه هذا؟ هل الحميّة الدينية دفعته إلى المسارعة للذّود عن حياض مصدر العقيدة ، بخاصة وأن هذا المصدر هو إسُّ الدين وأساسه؟ هل صادفته في مسيرته التعليمية إشكالات توقف وعيه الفطري والمعرفي عندها، فأخذته إلى البحث والتنقيب لكشف ما غُمَّ عليه، فيجوس خلال الكتب للإيضاح؟

يقول وُلِدَت فكرة هذا الكتاب بعد الاطلاع على ما جاء في كتاب “الإسلام : الماضي والحاضر والمستقبل” للعالم اللاهوتي السويسري هانز كونج (Hans Kung)، وينقل عنه: “إن كل السور أعطيت ترويسات قصيرة أضيفت لاحقاً. وهذه ليست عناوين لطنها كلمات مفتاحية تساعد على التذكر عند التلاوة”. وعلى هذا، فيعترف للكاتب السويسري بما يقوله لينطلق هو في العمل على إصدار هذا الكتاب.

كثيرة التساؤلات التي تداورت في طَرق ذاكرتي الواهنة والضعيفة عن التصدي للحديث عن مثل هذا الكتاب. ولأنني لست من أهل الاختصاص في هذا العلم، سوف اتواصل مع ما جاء في هذا السِّفر استعراضاً لما ورد فيه، وأختم ببعض ما أشكل عندي من ناحية الشكل في وضع وتقديم هذا الكتاب.

وأمر آخر لا بد أن ألفت إليه أن مادة هذا الكتاب يصعب التعامل معها كأجزاء منفصلة لأنها مترابط بعضها ببعض، تماماً كما يشير المؤلف أو يبيّن، أن السور القرآنية والآيات تكمل بعضها، حتى وإن غُمَّ على البعض من الباحثين أن هناك انفصال بينها وغير مترابطة.

عساني، وأنا أتجرأ للحديث عنه ، أنطلق من سطور قرأتها للدكتور علي نسر قال فيها: ” لا شك أن طبيعة الخطاب المعرفي محكومة بجدلية العلاقة بين المخاطِب والمخاطَب، وهذه تتحدد بدورها من خلال ارتباطها بالبنى الفكرية والمعرفية والثقافية التي تحكم المجتمع وتطوره حضاريا، بما يؤثر على وضع الخطاب وماهيته، مع الحفاظ على مقاصده الهادفة إلى إبراز ماهية التواصل بين الخطاب والمتلقي. أيضاً، أن لا تخرج عن البناء الثقافي القائم في المجتمع” إهـ.

إذن، هل ينطبق هذا على علي راضي أبو زريق في علاقته مع ما تصدى له، وما يمكن تسميته، في عداد علوم القرآن، أو أسمح لنفسي أن أقول علوم ما حول القرآن، أو من متعلقات بالقرآن.

يقول أبو زريق: “بهذا الكتاب لم يعد القرآن آيات مُنجّمات، ولا جُملاً منفصلاتٍ تجمعها نجوم وتفرقها فواصل ونقاط”.

إذن هو يخبرنا أنه سلك مسلكاً آخر غير الذي اعتادت ذاكرتنا الدينية التعامل مع مسلمات درست عليها عقولنا في التوصيف.

وعليه، هل هي منطلق حداثي أراد أبو زريق أن ينبئنا أنه سيسلكه في تعريف أسماء السور، تبعاً إلى فكره ووعيه، ورؤيته، في القراءة لما بين يديه، ومحاكاته بهذه الروح؟

لنسأله: إذاً، ليس نقاط وفواصل، حسبك، فماذا سنقرأ في كتابك هذا؟ يجيبنا في أواخر ما سطّره على غلاف كتابه بالقول: ” من أهداف هذا الكتاب أن يكون قاعدة لإصلاح العلاقة بين الأمة وبين دينها”.

نتفق معه تماماً في هذا. هنا بيت القصيد. لقد عاشت الأمة الإسلامية عقوداً بل قروناً، وهي تقع فريسة ما دوّنه الأسلاف لها من مفاهيم وتفاسير وأحاديث لم يخلُ بعضها من الأهداف والغايات حيناً ، وحيناً آخر لم يخلُ من الاجتهاد القاصر ـ أو المقصّر أو المقصَّر عنوة ـ، نتيجة تفكيك المضامين التي شملها القرآن، وجعلوها أجزاء قد يأخذ كل جزء منها وجهاً مختلفاً عمّا يمكن أن يكونه لو اجتمعت الآيات كلها ، مترابطة ، لتشكل موضوعاً واحداً لا يحتمل سوى تفسير واحد.

من هنا وجد الكاتب أن منطلقه لا بد أن يكون من أسس مكينة تُوصل إلى الهدف المنشود، وهو اللغة. هذا المرتكز الذي استند إليه ليكون المنهج علمياً رغم ما يمكن أن يكون في الشكل رأياً أو وجهة نظر، كما قد يلتبس على البعض. رغم أنه يشير في مواضع كثيرة من كتابه وتعليقاته إلى أنه (تحليل).

إن الاعتماد على اللغة ليس حجة أو مخرجاً لدفع رأي أو نفي حجة، إنما هو الانطلاق من واحدة هي من إعجازات القرآن بما يشهد بذلك العقل والنقل.  ولأن اللغة مصادر وأفعال وضمائر ونواب أفعال ومرادفات.. وما إلى كل التعريفات اللغوية، وجد المؤلف أنها تحرره من التبعية لجهة مّا أو الالتزام بقول وتفسير وجد أن انتماؤه إليه قد يوجب عليه القبول به. وهذا الأمر على ما يبدو حرره من القيد وأطلق فكره للمناقشة ومن ثم التصدي.

فكان لكل ما تقدم دوره في عمله وفي مقارعة أو مناقشة، تفسير من التفاسير سعياً لتوضيح أو إعادة تصويب، رغم أنه لم يخف إعجابه ببعض التفاسير وواضعها، إلا أنه لم يتهيّب مناقشة ما جاء فيها مقراً لها، أو لافتاً إلى شائبة غَشت توجهها.

لا شك بأن العارفين بهذه العلم، سيكون لهم جلسات مطولة معه لما قد يستفزهم، وهم من درسوا على ما ألفوه وما ساروا عليه في نهجهم وتقديم أفكارهم للأمة.
علينا أن نقر ، وبكل تواضع، بأننا بحاجة إلى إعادة قراءة كل تراثنا الديني لنتبيّن حقائقه بتجرد وليس بعواطف وأحكام مسبقة.
نعتقد أن هذا ما يريده علي راضي أبو زريق.

ملاحظة لفتتني وانا اتهادى بين الصفحات والسطور، غزارة ترافق الآيات القرآنية مع التعليقات أو الشروحات، في وقت كان يمكن الإشارة بذكر الآية موضوع التعليق دون إرفاقها بما قبلها وبعدها بالكثير من الآيات ، وهذا قد يسهل للقارىء المتابعة في قراءته، والوصول إلى الغرض المنشود.

الملاحظة الثانية عدد الصفحات لجهة سعة الوقت لتناولها، في وقت كان يمكن أن تكون جزأين.

 

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *