السبت 20 أبريل, 2024

بقعة النور

بقعة النور

منال عمار ـ تونس

13241605_256999381325731_1198100621_o

كعادتها في ليلة الرابع عشر من كل شهر تسمرت بجانب نافذة غرفتها، تراقب بأعين مشدودة هذا البدر المشع الساطع وترسم في الخيال حكاياتها، تارة تكون سندريلا وتارة شهرزاد.

البدر حبيبها الذي تسلمه مفاتيح قلبها وتعري له امنياتها بلا استحياء، كيف لا وهو الذي يفضح أسرار ليل بأكمله؛ يفتض غطاءه المظلم بشعاع خارق يصل الأرض بالسماء.

هذه النجلاء تحاكي في صمت بقعة النور الصغيرة هاته في كبد السماء وتسائلها باستغراب كيف لها أن تغزو الأرض والفضاء على صغر حجمها، أي نور هذا الذي افقد ملايين النجمات بريقها حتى اختفت؟! كيف له أن يكتسح سواداً مهيباً تخشاه كل المخلوقات، يستبيح حرمته ويكشف عورته ؟!

سمعت بقصص أعظم الملوك في التاريخ لكنها لم تسمع بأعظم من هذا الملك؛ في ليلة واحدة يصبح امبراطوراً يخضع له الكون بأرضه وسمائه، يحيط الجميع بقوانين نوره، ويتغنى الكل بجماله وحسنه. حينما هم سلطانها بالرحيل في آخر ساعة من الليل، أخرجت رأسها من تلك النافذة الصغيرة تتحس شعاعه وهو يلامس وجهها الجميل بحنان، تستمد منه شحنات الأمل المتدفقة بشريان حياتها، تبث له آخر أمنياتها وتطالبه بإلحاح بأن يبلغها عنان السماء، تنظر إليه بإمعان كبير وكأنها تودعه .

****

بيني وبين قلمي قصة لم تكتب

بيني وبين قلمي حلم لم يكتمل

بيني وبن قلمي طفولة وحلم شباب

تبادلنا النظرات وتبادلنا العضات وهو يحاول ان يخط خطاه.

قلمي كان حبره من صوف على لوح من صلصال مسنون

قلمي كان من كلس على باب من حديد صلب

قلمي صار يسهل محوه ولم يمح أثره

قلمي صار من حبر يرش رشا ليخط بيد مرتعشة

قلمي أحدث الكثير من الخربشات

والكثير من التعرجات .

وبعضا من الرسومات ليجمح في الخيال

ومع الخيال قادني وقاد تصوراتي المنهمرة الحائرة التائهة الحالمة الصادقة السائلة والمسؤولة ….

يغادر قلمي وتغادر معه طبائع الشوق الحالمة

يغادر ولا أتوقف عن الخطو على خطى نفسي لكنها تذهب أدراج الرياح ولا تعود

ابتعد عنك طوعاً واشتاق إليك حنيناً لأخط وأطوي وأتأمل وأنسى ولأشفي جراحي بدموع حبرك التي تنثال مع ما بداخلي

ما يخصني ويخص عالمي وحيدة برفقتك لا أنس ولا أنيس إلاّ بحروفك الأولى والأخيرة.   

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *