الثلاثاء 19 مارس, 2024

احذروا الشعراء…

احذروا الشعراء…

كريمة الإبراهيمي

“وحدي

أقرع طبولي

وأجلس مساء لأستمع إلى

نشيج وحدتي

وحياتي كلها

بياض

يشكل ما تبقى من

شظايا فرحتي..”

هكذا كان لقاؤنا الأول،

قصيدة بلا لون..ليس فيها إلا ألمك الذي طالعني بين الكلمات فكتبت إليك:”كيف يمكنني أن أقتسم معك بعض هذا الحزن؟ لك كل الورد..”..وجرنا الليل إلى بداية الحكاية وبدأ الحب..

أيها الممزوج بالقلب،

أيها الساكن بيني وبين الروح،

يا فرحي المنصوب على قمة العمر،

مازلت أذكر جملتك الأخيرة على الأفق الذي ضمنا:

-القدر يهزمنا أحيانا..لن أستمر في الكذب عليكِ..لم يكن بيننا شيء كبير..

أجل لم يكن بيننا شيء كبير أيها الشاعر..

بعد الحب الذي قلتَ أنك ما عشته من قبل،

بعد الرسائل والقصائد،

و أغاني تهديني إياها مع كل مساء،

لم يكن بيننا شيء كبير كما قلتَ..

كان بيننا كثير من الوهْم والجنون..

كان بيننا كذب وركض خلف المستحيل..

ليس بيننا شيء كبير أيها العائم في دمي وفي عيني..

ليس بيننا غير-بعض كلام-وغيم ومطر وأحلام لم تكن لي..

هل كانت صدفة تلك التي رمت بي إلى عينيك أم كان سوء حظ؟.

يوم التقيتك شاعرا..

كنت دافئا كأجمل ما يمكن أن يحدث في العمر..

كنت قادما من مدن الضياء ومن يديك يفوح عطر الفل والمطر..

داهمتني موجة عشق فركضت دون أن أدري أنني قد أحترق ذات يوم دون أن أعي ذلك..

تهتُ في يديك وأنا أصفف ما تبقى من عشق كاذب في زحمة العمر وأصغيت لموج تدفق من بين شفتيك شعرا..

كان صعبا أن أرد ضوء القمر أو أن أطرد النوارس التي حطت بالقلب فجأة،

كان صعبا أن أتجاهل رائحة المطر،

والبحر،

ورسائل الحب..

كان صعبا أن أظل كما أنا وكل العمر قد أمسى ربيعا في لحظة..

وكان صعبا ألا أحبك..

أيها الرجل الذي احتل عيني وأدخلني مدارات العشق في قصيدة..

أنا ما أحببتك لأنك لا تشبه باقي الرجال،

أنا أحببتك لأنك أدخلتني من بوابات العالم كلها وزرعت بعيني قدرة على الحلم،

أحببتك لأنك أعدتني إلى حب أشيائي..

قلت لي يوم التقينا على حافة الشوق و الليل قد بدأ ينسحب:

**”أعشقكِ كما الندى،

وكما الأرض للمطر فظلي هنا،

واملئي القلب غناءً..

لا تدعيني أغني انهياري وحيدا..”

وسافرتُ في بحر العشق وحدي،

وقد تخلفتَ عن المجيء..

مؤسف حقا أن يتخلف عن الرحلة من منحتَه ثقة الرحيل معه،

ومؤسف ألا يأتي بعد ذلك أبدا..

وتظل القصائد مجرد قصائد،

وتظل الوعود مجرد خيط رفيع ينقطع مع أول هبوب للعاصفة..

ساعتها يغيب الشعر،

والمطر،

وتلك الأحلام ولا يبقى في القلب غير الخواء والبرد..

ونكتشف كذب الحكاية..

**وأنتَ..

يا أجمل كاذب عرفته..وعشقته..

لأجلك عشقت أشيائي رغم قبحها،

ولأجلك عشقت ما تبقى في يدي من أوهام واقتحمت بك العالم..

لم أكن أدري وأنا ألملم فيك انكساري بأنك أول من سيكسرني..

ولم أكن أدري أن الشعراء كاذبون دوما،

وفي كذبهم الجميل الذي عادة ما ينتهي بموتنا نكون قد وقعنا خلودهم بقصيدة..

غريب أنهم يخلدون بينما نموت نحن في ثنايا الحكاية..

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *