الجمعة 29 مارس, 2024

أمسية محمد علي شمس الدين

الدكتور الشاعر محمد علي شمس الدين:

الشعر ليس كلاماً.. هو قلق وجودي

علي . أ. دهيني

shams-1“شِعري لا يفارق القلق الوجودي منذ بدأت كتابة الشعر”.. بهذا التعبير والتعريف أجاب الشاعر الدكتور محمد علي شمس الدين سائله في المداخلات والحوارات التي تلت أمسيته أول أمس.. التي جاءت تلبية لدعوة من الملتقى الثقافي اللبناني، في “لقاء الأربعاء الأدبي ـ بيروت”، في مطعم الساحة قي بيروت.

هذا الشاعر العربي الكبير حين تُوجِّه سَمْعك إلى قصائده، وهو من عَبَر القصيدة ولم تعبُرُه، تُدرك لماذا هو مُشْتهاها على المنابر وفي أروقة اللاواوين وطيّات الدواوين، يساكنها بمودة ورحمة وﻻ يفارفها ولو بإحسان، فهي بين نجديه  تمتزج فيها الفلسفة مع وقائع التاريخ بمحطاته وشخوصه، وكل مذاهب الوجود في الحياة. فلا تخلو قصيدة من قصائده من حكمة أدرجها في متنها أو رؤية فلسفية أثبتها بين شطورها.

abed-1افتتح الأمسية وقدمها الإعلامي عبد الحسن دهيني، بأبيات جميلة قال فيها:

أيها الرَّاقي ارقني

واتلُ ماشئت من الأحراز والذكر المبين 

علَّ صدري يستكين

واختمِ الرُّقيا بشعرِ

 فاعتلالي ليس من سحرٍ

 ولا صيبةِ عين                    

عِلتي أعجزتِ الطب

وكلَّ العارفين

fadel-1وقدم بعدها رئيس الملتقي الثقافي اللبناني، سماحة الشيخ فضل مخدّر الذي رحب بضيف الأمسية وبالحضور من مثقفين وشعراء وإعلاميين، ليلفت في كلمته إلى أهمية المنتديات التي برزت هذه الأيام بكثرة وكانت لها فوائدها الكثيرة في إشغال المنبر الشعري بخاصة، وأن العمل الجماعي العام سوف يساهم في تطوير القصيدة، عاطفاً حديثه إلى اللغة العربية وقال: ” لا مانع من تحديثها، مع التأكيد إلى أن لغة القرآن هي معيار أساس في اللغة العربية.

وأشار إلى أن هناك نغمة جديدة وهي “السعي إلى تحديث لغة القرآن، لا مانع من تحديث اللغة كمساعد للتواصل مع التكنولوجيا التي استفادت بدورها كثيراً من ترميز وتحريك كلمات القرآن”.  

وقال إن التكنولوجيا الحديثة استفادت كثيراً من الحركات التي استنبطها العرب في تشكيل الحروف والتي نشاهدها في أساسات المصطلحات المعتمدة في برمجة الكومبيوتر مثلاً، وقدم مثال آخر على ذلك “في عالم الأرقام الذي هو أساس هام في تكنولوجيا العصر، وهو “الصِّفر” وهذا لم يكن في عداد الأرقام وأن العرب هم من جعله في أساس الأرقام..  وأبدى خشية من أن تنحرف عملية تطوير اللغة الشعرية عن مسارها الحقيقي الذي عماده الأول اللغة.

وختم حديثه بالقول: ” دون الشعر لا لغة عربية، فالشعر هو روح اللغة العربية”.

بعد تقديم موجز من الأستاذ عبد الحسن دهيني ختمه بالقول:

“له في الشعر منزلة

والشعر مأسورٌ لديه

والحرف مبتهج بمغنى راحتيه

هو شاعر منذ هرّب الكلمات نحو حبيبته

لا ليس خوف الحب

إنه خوف على الكلمات يأسرها الضياع

وقد تأنى في صناعتها

وأمعن في صياغتها

لتكون احرفُها مقاوِمَة الزمن”

اعتلى ضيف الأمسية المنبر ليغرد القصيد بين يديه زاهياً رائجاً مائجاً في لآلىء قصائده الجميلة، فهو من تسكنه القصيدة كما يسكن النظر في العين، وأصغت الآذان لافتتاحه الأمسية بـ “قصيدة غزلية يقول فيها:

يدعوني الورد إلى الطربِ

لا توبة بعد اليوم ودين أبي

فاقلع من قلبك جذر الهمِّ

فإن البهجة أدنى

من دنّ الخمر إلى العنبِ

ونسيم الفجر يمزّق قنصان التاريخ

ويدعو الأزهار إلى اللعبِ

فتعام يا قلب طريق صفاء الماءِ

وصدق السروة والقصبِ

فذؤابات الشعر على الأكتاف

تلوح فتخرجُ من يعشقها عن ملته

فانهض كي تشرب كأساً

لا تعطش بعد تناولها أبداً

حتى لكأن الرّاح كلامُ نبي

ثم تلاها بثلاثية الطيور، ليغرّد السمع معه في قصيدة “عصفورة اسمها الحياة” ومطلعها:

غداً ستنامُ الحياةْ

تنامُ على مهلها

حينما تضرب الريح وجهاً

ويطفو على الماء شيء هو الخوفُ

تأتي من غابة نائية

وتبني في الأرض عشاً ضئيلاً

غداً ستنام الحياةْ

فنامي إذنْ

13120425_10208571913709524_106051725_oوبعدها قرأ من قصائده الجديدة والقديمة: “أنا منك الضنى” و “مريم” و “إلى أمي” و “القبلة” و “شمس محمد” و “التيه” و “لا”… وختم بقصيدة “دموع الحلاج” التي دار حديث حولها بينه وبين الساهرين، فقال: لا أعتبر الشعر كلاماً، هو قلق وجودي، الشعر هو ما وراء الكلمات. شعري لا يغادر القلق الوجودي منذ بدأت كتابة الشعر. وقال: الأوطان تحملنا ونحملها نحن فيما بعد.

وردا على مادخلة أحد الحاضرين، قال: الجنوب (جنوب لبنان بكل قراه) هو كيمياء عجيبة من كلمات وشعر وجمال. وختم تعليقاته حول قصيدة الحلاج التي يعتبرها جزءاً منه وفيها بعضاً من صورته، بالقول: قصيدة هي فسحة الحياة وما بعد الحياة.د

ودعي بعد المداخلات التي جاء كلامها مستعرضاً قصائد الشاعر شمس الدين وشخصه ودوره في وماكنته الشعرية، حيث اشار الشاعر السوري عبد القادر الحصني بالقول أنه لو أراد أن يختار خمسة من الشعراء العرب ليتولوا أمارة الشعر لكان محمد علي شمس الدين في طليعتهم.

اعتلى المنبر الدكتور مصطفى سبيتي ليقرأ بصوت بهيج وشوعر دافىء قصيدته تالتي عنوانها ” أمي”.

توالى بعد ذلك على المنبر ثلة من شعراء “لقاء الأربعاء الأدبي ـ بيروت”، قرأوا بعضا من قصائدهم.

وختم الأمسية كان مع إنشادات جميلة وصوت جميل من الأستاذ علي عيد.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *