الأربعاء 24 أبريل, 2024

مرآة البهلوان

مرآة البهلوان

حليمة بريهوم

 على هوامش السعادة تمشي ألواني على أطراف أصابعها..

تضحك حروفي لتُوهِم الناظرين بأن التوازن يحافظ على استقامة البهلوان

الذي يستمد البهجة من خيبة المختبئين خلف السور المنيع ، ليقدم أمامهم عرضاً ممتعاً وينسي الجمهور تعب وشقاء تاريخ تتجدد مآسيه في كل موعد للتغيير والتحرر من قيد استعمار ..

ويبرِّد نار الشوق للضحك المبكي، من إخراج محترف لكرنڤال.

تفاصيله من سيناريوهات يومياتهم البائسة.

يؤكد لهم إنغماسهم في سراديب الغفلة والتوهان والتبعية لمن كان..!!؟

يسترق دندنات المحكوم عليهم بالإعدام في زنزانات القهر.

ومن أنين الجرحى المهملين في الشوارع القديمة..

ومن بكاء الجياع والمشردين في الخيام..

ويبدع في نقل خوف من كانو طعاماً للحيتان.

لكل هؤلاء، ليس هناك من يرعاهم سوى عناية الرحمن.

يتأمل خطى العائدين من معركة الأخوة في لعبة الموت القاسية.!!؟

ليصنع منها مشاهد مؤلمة تتلاشى تأثيراتها بمشهد جديد.

الخاسرون فيها أرامل وأيتام.. ومن أوهمهم الإعلام أن هناك سلام في الأوطان ..

جراح مفتوحة ونزيف أخذ مجرى الوادي بين الخلان.

يتناحرون على طائفية استحدثوها ، اعتقاد لا أصل له في الإسلام وعلى كرسي عرش فان.

*** وجع ****

أجسام لا حراك فيها ، تنتظر ، تترقب دخول البطل!!

هل هو شخص أم فكرة / أم مشروع ، أم وهم ، أو أمل ؟ ؟

أو يمكن استنسخوا صلاح الدين ، أو علي ، أو عمر !!!

عيون تحدق ، جحوظها يكاد يخيف من رأها.

إقترب وقت العرض البهلواني وإستشعرنا تأهب البطل.

وأنا أتسائل من يا ترى ؟

الذي لا يرى واقعه في مرآة ، بدون الوان ، ويراها من غيره بالألوان ويضحك عليها؟؟؟

أم ذاك الذي يلوِّن الواقع ، لا يرضى به أصحابه من خلف المرآة المكسرة ، المرممة بأكاذيبهم؟؟؟

في هذه اللحظات

تختلط الحكايات وتهتز النوايا في داخل كل واحد يخاف أن يرى الحقيقة في مرآة سليمة ، ونظيفة ، تعكس روحه الغامضة المدسوسة بين ثنايا الغضب والتعصب والإطمئنان والحرية ، وفجأة…

يظهر نور من زاوية مظلمة!!

جذبتني ألوانها المثيرة في النقطة المضيئة على الجدار.. خيِّل لي للوهلة الاولى أنه خريطة لبلدان يجمعها نفس العلم ، وكما توقعت إن لهم نفس الدين واللغة !!

قلت :

لو كان التوحد اختيار..

لإنطويت في حضن ظلمة عين لا تنام

من عشقها السرمدي فيك…

يا وطن…

ليتني أرتقي إلى عالمك المضيء لأستقر فيك ، ففيك الأمان.

كما قالت لنا الألوان ، حين تكلمت ، وروايات على أن الوطن أم.

خاطبني الأخضر باستهزاء . وقال الأحمر بإستعلاء:

” أنا على من سموها الجزائر البيضاء”..

وطن الطهر بدم الشهداء

عشقتُ الحلم بداخلك ، وأنا ادرك أني أغازل الوهم في السماء

بفراشات تكسرت اجنحتها ، من زمن ألغيت فيه كل مواعيد اللقاء

لتعانق اللحظة فيك حضناً يحتويها بلا فراق، في الأفق الممتد في فضاء.

فقلت لها :

يا ألوان أرجوك سلّطي النور على الزوايا المظلمة في وجداني وستجدين فتات عواطف بالية تجاه كل البلدان..

راسبة في أعماقي لمن ماتوا وهم أحياء

وما تبقى وزعيه.. على من يتقن التوحد في هواكِ

ألستِ ملكة العالم.. وأنا أهواك ؟

يا أنت..

فصلي لي هوية

لحرة أبية

قالت : أنا أصغي لصوت في داخلك ، في لحظات الصمت والسكون ، وفي أوقات الحركة والمجون ، لا ينقطع إلا لسواك..

يقول لي : امتلكيني ، أنا شقية أنتظر لقياك..

خيوطي في كل مكان ، صرت لكم إدمان ….

قلت :

ألا تكتفي بما التهمت عيناك ، وما طالت يداك ، وما أخذت منا من ساعات ؟؟

تحركت الأجسام المتربصة على المقاعد الباردة لتكشف سر التأخر..

ومع صوت رعد هزّ المكان ، ظهر أول هيكل على كرسي من الذهب المنقوش بإتقان ، يبدوا أنه مجهز لسلطان ، إتسعت بقعة الضوء حتى شوهد ما ألبسته فرشاة فنان ، من عمامة لإمام ، تعتليها ريشة حمام أو نعام ، وعليه جبة فخمة ، وأنيقة ، لقاضٍ يرتديها . قاضٍ يمسك العدل في ميزان يحتذى كتابين واحد لساحر من الكفار والأخر لجان من نار ، بيده أكياس من رصاصات ، من كل الانواع ، من إنتاج عدة بلدان ، تكاد تنطق كل واحدة لتقول من علمها التغريد لتوقظ العصيان بلسان يُسمعنا ألحان النشيد الذي يزعمون أنه للأوطان!!

أين الأوطان الآمنة ؟

أم تظنون أن الأعلام ، وأكوام البنيان ، وأسطر من قوانين النظام ، تصنع حضناً لمواطنين أحرار؟؟

نكمل وصف من يجلس على عرش الزمان ، بكل ما فيه من صفات الخيبة والنكران ، وما يتزين به من حقد كعقد لؤم وخاتم دسائس ، كأساور العرائس وما كدس من قلائد كالمكائد والمصائب ، أم نترك الجو للبهلوان يتنطط ، ويتمدد ، ويتأرجح ، ويتدحرش ، ويكرر لنا نفس الأرقام ويلعب بنفس الكرات ، ذات نفس الالوان ( الاسود والاخضر والأحمر والأبيض ،،،،) يا لسخرية المسرح العريان ، نقطع التذاكر لنشاهد واقع نعيشه ، ونموت بالضحك عليه ، ونصفق له ، ويمكن نتسلى بقرمشة لمكونٍ لا نعلم حتى من أين أتى أو من صنعه ، وما هي مواده ، وبكم من درهم أو دينار !! لأننا ، للأسف ، لا نتقن أصلاً إستعمال المرآة .. بل لا نسمح لأنفسنا أن نرى أنفسنا أمام آنفسنا مهما كان . نكتفي بمن يسيرنا ، ويقوِّمنا ، ويرينا فزاعات تصلح لتكون أنا وانت وهنّ وهم.. ونحن كلنا..

في مرآة لا تعكس إلا ما ترغب ” ؟ ؟ ” كي ترضى عنا في الصورة التي تناسب مصالحها السامية ، المهم تحقق مخططها الحكيم في ذلنا وإستعبادنا بطريقة عصرية مغرية ، سرعان ما تغوينا ونرضخ لها بإستعدادنا الفطري لتقبل كل ما يأتينا من العالم المتقدم لأنه منتج في كل المجالات والميادين ونحن نستهلك بوفاء وإخلاص وود..

وهذا ما يقربنا للعبودية العصرية المتحضرة …

وعشقنا للتصفيق سينقلنا نقلة نوعية لتشجيع البهلوان ليستعيد قواه ويبدع في عروضه المقبلة لأنه لاقى عندنا الإقبال ، والإستحسان ، والإنبهار . ورسم البسمة على تخلُّفنا وإنحدار فكرنا المستعار من أساطير الأبطال التي نحيا بأمجادها بدون أن نتقدم خطوة الى الأمام ..

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *