السبت 20 أبريل, 2024

أبو عبدو في دبي

يحمل إرث أجداده في إبريق التمر هندي

زياد شيخو أبو عبدو في دبي والبرنس بسوق الحميدية

فداء طه

بعد 10 سنوات على نشر هذه المادة الصحافية، أتمنى أن يكون أبو عبدو ما زال بخير، ويحمل إبريق التمر هندي ويتجول في سوق الحميدية العريق بسوريا الغنية بتراثها وتاريخها الجميل.. عليك السلام يا سوريا

feda2”يا سمرا يا تمر هندي يا أطيب مشروب عندي”، بهذه الأغنية الشهيرة كان يتغنى وهو يقف أمام الجناح السوري في القرية العالمية بدبي مرتدياً زيّه التقليدي، صدرية وشروال جوخ وطربوش، حاملاً على كتفه إبريق التمر هندي داعياً الزوار إلى تذوق مشروباته.

مهنته الأساسية بائع مشروبات وعصائر تقليدية: تمر هندي، عرقسوس، ورد، وتوت شامي، لكنه في المهرجانات الدولية التي يشارك فيها عن طريق وزارة السياحة السورية يصبح ممثلاً و”ناطقاً شعبياً” باسم بلاده.

يقول زياد شيخو: ”ورثت هذه المهنة، منذ عشرين عاماً، عن والدي الذي ورثها بدوره عن جدّي لأنها مهنة متوارثة في عائلتنا، وأفتخر بها باعتبارها تمثل تاريخنا وحضارتنا وتراثنا الشعبي، والناس في سوريا يحبونها ويقدرون من يعمل بها، ولذلك تشجعها وزارة السياحة السورية فتمنح الرخص والتصاريح والبطاقات الصحية لمن يمتهنونها”.

50 كيلو على كتفه

بطريقة فنيّة جذابة يقدم زياد مشروبه إلى الناس، يمسك بالكأس ويقلبها في الهواء قبل أن يحني ظهره إلى الأمام قليلاً ليصب فيها العصير، بعدها يضيف إليها قطرات من ماء الورد ويقدمها إلى زبونه: ”هنياً يا أفندي” أو ”صحتين يا خانم”.

ثم يمضي أبو عبدو كما يلقبه معارفه في القرية العالمية، لمواصلة عمله حاملاً إبريقه النحاسي الضخم المزيّن بالليرات من الأعلى، هذا الإبريق الذي يحمل في بطنه حكاية يحكيها أبو عبدو بفخر: ”يبلغ عمر الإبريق حوالي 300 سنة تقريباً، وهو مصنوع من النحاس المبيّض مغلّف بالقصدير من الداخل حتى لا يتأكسد مع العصائر، ومزركش من الأعلى بالليرات الإنجليزية، أما وزن الإبريق وهو فارغ فيبلغ 20 كيلو جراماً في حين يزن 50 كيلو جراماً وهو مملوء. وقد كان جدّي ”الحلتة” ”رحمه الله” يملك إبريقاً ثميناً، طوّره بنفسه، زيّنه بالليرات الإنجليزية الذهبية ولا يزال هذا الإبريق موجوداً في بيت جدّي نحتفظ به كتراث ثمين لا نفرط فيه أبداً”.

ولا تقتصر أدوات أبو عبدو على الإبريق، إذ يحمل على بطنه أداة تسمى ”الصفّ” عبارة عن قوالب مصنوعة من النحاس أيضاً توضع فيها الأكواب، بالإضافة إلى إبريق الماء الذي تغسل به ”الكاسات”.

في الشتاء ”فول نابت”

منذ الصباح الباكر يستيقظ زياد، يطبع قبلتين على جبين طفلتيه (خديجة وفاطمة)، ثم يحضِّر بضاعته، وبالمناسبة فهو لا يقبل مساعدة زوجته في هذا الموضوع، حيث يعصر ويصفّي التمر هندي المنقوع في الماء منذ الليلة الماضية، يضيف إليه العسل أو السكر ويصبه في الإبريق ثم يحمله على كتفه، وينطلق إلى سوق الحميدية الشهير بسوريا مكان عمله الأصلي. يطوف بإبريقه وينادي على الناس الذين يعرفونه وينادونه باسم ”البرنس”، وحينما يحلّ المساء ويفرغ السوق من رواده يعود شيخو إلى منزله المتواضع راضياً بما قسمه الله له من رزق في ذلك اليوم. ”أحب مهنتي على الرغم من أنها لا تسمح لي بالثراء، لكنها تمكنني من العيش بسعادة إذ ألتقي الناس وأتواصل معهم سواء في سوريا أو في الدول الأخرى. وقد مكنتني هذه المهنة من السفر إلى دول أوروبية كثيرة منها أستراليا والبرازيل ونيوزلندا. والجميل أن الأجانب أحبوا هذه العصائر التقليدية خاصة أنها طازجة وطبيعية.. لكن عموماً أعتقد أن انتشار المشروبات الغازية في الأسواق قد أضرّ بتجارتنا وخفف الطلب على العصائر الطبيعية”.

حياته بسيطة وعادية، فهو بائع عصائر تقليدية باردة صيفاً، وفي الشتاء بائع ”فول نابت”، وكذلك هي أحلامه بسيطة: ”لا أحلم بأكثر من العيش مستوراً وتربية أبنائي”.

مع انتهاء اللقاء نمضي إلى غايتنا ويمضي شيخو إلى عمله مرددا:

”طبيعي بالمية مية

تشربه الصبية بتزيد حيوية

وبيجوها العرسان

كلّ ما فتحت الحنفية”

تفضل يا أفندي.

تاريخ النشر: الأحد 02 مارس 2008

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *